قال محمد بن رشد: لكلا القولين وجه من النظر، وقول أصبغ أظهر؛ لأن الرهن على ملك الراهن فكما يكون على الحميل قيمته يوم يموت إذا ضمن قيمته إن مات، فكذلك تسقط عنه قيمته يوم يموت إذا ضمنه ما نقصه من حقه، إلا أن يموت. ووجه قول ابن القاسم، أن الظاهر مما التزمه أن يغرم له ما نقصه من حقه بعد قيمته يوم التزامه؛ لأنه على هذا يكون قد التزم معلوما، وحمل التزامه على المعلوم أولى من حمله على المجهول.
وقد مضى في أول رسم من سماع ابن القاسم من القول على هذه المسألة ما فيه بيان لهذا. وبالله التوفيق.
[يرتهن الحائط فيضعه على يد أجيره في الحائط أو مساقيه]
ومن كتاب القضاء المحض قال أصبغ: سمعت ابن القاسم يقول في الذي يرتهن الحائط، فيضعه على يد أجيره في الحائط أو مساقيه: إنه ليس برهن حتى يحوزه ويجعله على يد غير من في الحائط.
محمد بن أحمد: هذا بين على ما قال؛ لأن المرتهن إذا وضع الحائط الذي ارتهنه بيد أجير الرهن أو مساقيه، فليس برهن مقبوض، إذ لم يرتفع يد الراهن عنه بكونه في يد أجيره أو مساقيه. وهذا مثل ما في المدونة فيمن أجر عبده ثم وهبه إن المؤاجر ليس بقابض للموهوب له، وكذلك وكيل الواهب، لا يكون حائزا للموهوب له. وقد وقع في سماع ابن القاسم من كتاب الرواحل والدواب، ومن كتاب المديان والتفليس في رسم مساجد القبائل ما يعارض هذه المسألة. وهو قوله: إن للجمال أن يرهن المكتري فيما تسلف منه ما تحته من الجمال، وتحت غيره من المكترين، وهو بعيد. وقد مضى القول عليه في السماع المذكور، من الكتابين. وبالله التوفيق.