قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قال: إن قول الرجل: كل امرأة أتزوجها حتى يتزوج فلان فهي طالق، مثل قوله كل امرأة أتزوجها قبل أن يتزوج فلان فهي طالق؛ لأن حتى غاية، فيمينه يقتضي طلاق كل امرأة يتزوجها قبل هذه الغاية، فاستوت المسألتان، والحكم في ذلك أن يلزمه طلاق كل ما يتزوجه قبل أن يتزوج فلان ما لم يمت، وإن لم يستثن إلا أن يموت؛ لأنه بموته قبل أن يتزوج يكون قد حرم على نفسه جميع النساء، فلا يلزمه ذلك كما لو استثنى فقال: إلا أن يموت، فقوله في هذه المسألة: إلا أن يموت؛ لا تأثير له فيما يوجبه الحكم على مذهب مالك الذي يرى أن من حرم على نفسه جميع النساء لم يلزمه من ذلك شيء، ولو قال: كل امرأة أتزوجها من بنات فلان قبل أن يتزوج فلان؛ لكان لاستثنائه بقوله: إلا أن يموت فلان تأثير، وهذا كله بين، والحمد لله.
[مسألة: يقول لامرأته قد شاء الله أن أطلقك]
مسألة وقال أصبغ: سمعت أشهب، وسئل عن الذي يقول لامرأته: قد شاء الله أن أطلقك، أو لعبده قد شاء الله أن أعتقك، قال: ليس عليه شيء إلا أن يريد بذلك عتقا أو طلاقا، هذا من الكاذبين على الله تعالى، فسئل عن قوله: قد شاء الله أنك طالق، قال: هذه طالق، إنما أخبر أنها طالق، وقاله أصبغ.
قال محمد بن رشد: قوله في الذي يقول: قد شاء الله أن أطلق امرأتي، أو أعتق عبدي: إنه لا شيء عليه صحيح؛ لأن معناه إنما هو الإخبار بالعزم على أن يطلق، وعلى أن يعتق؛ لأنه لما عزم على أن يطلق أو على أن يعتق قال: إن الله قد شاء ذلك، سيطلق ويعتق، فقد شاء ذلك، وإن كان سبق في علمه ألا يطلق ولا يعتق فلم يشأ ذلك، هذا هو تحقيق معنى قوله: