من إجازة الثلث ورد الثلثين صحيح على مذهب مالك. وقد راعى مالك هذا الاختلاف فيمن أقر بوارث، فقال: إنه بإقراره أنه وارثه، وإن لم يثبت له نسب بإقراره له. وسحنون يرى بيت المال كالسبب القائم، فلا يجوز له إقراره بوارث، وإن لم يكن له وارث معروف. وهو القياس على مذهب مالك في أن وصيته لا تجوز بأكثر من ثلث ماله. وبالله التوفيق.
[مسألة: أوصى إلى رجل بوصايا فأراد الورثة أن يكشفوه عنه]
مسألة وسمعته يسأل عمن أوصى إلى رجل بوصايا من عتق وصدقة وعين وغير ذلك، فأراد الورثة أن يكشفوه عنه، وأن يطلعهم عليه، فقال: أما الصدقة فليس لهم أن يكشفوه عنها إذا كان غير وارث، إلا أن يكون سفيها معلنا مارقا، فيكشف عن ذلك، ولهم أن يكشفوه، وإن كان غير وارث ولا سفيه كشف عن العتق؛ لأن ذلك يعقد لهم الولاء، فأما إذا كان الموصى إليه سفيها معلنا، فأرى أن يكشف عن ذلك كله، فإن من له الأوصياء من يتقبض على الوصية فلا ينفذ منها شيئا، قال: ولا أرى إن كان الموصى إليه محتاجا أن يأخذ من ذلك شيئا.
قال محمد بن رشد: هذا من بين قوله: إن الموصى يكشف عما جعل إليه من تنفيذ الوصية بالصدقة وغير ذلك مما لا يبقى فيه منفعة للورثة إذا كان سفيها معلنا مارقا يبين ما تقدم من قوله في أول سماع ابن القاسم في أنه ليس للوارث أن يقوم معه في تنفيذ الوصية، إلا أن يكون فيما بقي له منفعة كالعتق وشبهه. وقوله: إنه يكشف عن ذلك إذا كان سفيها معلنا مارقا، معناه: أنه يكلف إقامة البينة على تنفيذ الوصية، فإن لم يأت بينة على ذلك