على ظاهر قوله في هذه الرواية: طلق عليه بالشهود الذين أشهدهم على أصل الحق، وليس ذلك بصحيح؛ لأن الشهادة على أصل الحق لا تأثير لها في وجوب الطلاق، فالمعنى في ذلك ما ذكرناه، ولو أنكر اليمين ولم تقم عليه بها بينة لم تلحقه في ذلك يمين، ولو أنكر اليمين وأقر أنه لم يدفع الحق قبل الأجل فلما قامت عليه البينة باليمين أقام هو بينة على دفع الحق قبل الأجل قبلت منه بينته على اختلاف في هذا الأصل قائم من المدونة وغيرها، وبالله التوفيق.
[مسألة: حلف بالطلاق ألا يكلم امرأته كذا وكذا فأراد أن يقبلها]
مسألة وسئل مالك: عن رجل حلف بالطلاق ألا يكلم امرأته كذا وكذا فأراد أن يقبلها.
فقال: أخشى أن تكون أن يعتزلها فإن كان كذلك فلا يفعل، قال: وإن لم يكن نوى اعتزالها فلا أرى بأسا أن يقبلها ويطأها.
وقال محمد بن رشد: لا يخلو الحالف في يمينه هذه من ثلاثة أحوال: أحدها: أن ينوي أن يعتزلها، والثاني: أن ينوي ألا يعتزلها، والثالث: ألا تكون له نية. فإن نوى أن يعتزلها حنث إن وطئها أو قبلها، وإن نوى ألا يعتزلها لم يحنث بشيء من ذلك، وإن لم تكن له نية فالظاهر من قوله: وإن لم يكن نوى اعتزالها فلا أرى بأسا أن يقبلها أو يطأها أن يمينه عنده محمولة على غير الاعتزال حتى ينوي الاعتزال، وهو ظاهر قول ابن شهاب في أول كتاب الإيلاء من المدونة، ووجه ذلك ظاهر، وهو أن الكلام غير الوطء، كل واحد منهما بائن عن صاحبه ليس بداخل فيه،