الشهادة في الشرب وإن كان فعلا، ومن مذهبه أن الأفعال لا تلفق من أجل أن الشهادة في هذا على الفعل مسندة إلى القول، وهو المعبر فيها لأنه إنما يحد في الشرب حد القذف من أجل أنه إذا شرب سكر وإذا سكر هذى وإذا هذى افترى كما قال علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، هذا وجه قول ابن القاسم هذا وروايته عن مالك، والقياس ألا تلفق الشهادة في الشرب؛ لأنه فعل كما لا تلفق في سائر الأفعال، وهو قول محمد بن مسلمة وابن نافع وقد مضى بيان هذا كله في رسم أوصى ورسم العرية ورسم القطعان من سماع عيسى من كتاب الشهادات، وبالله التوفيق.
[: قولهما إنا رأينا فلانا يزني ومعنا فلان وفلان]
من سماع أبي زيد من ابن القاسم قال أبو زيد: سئل ابن القاسم عن رجلين شهدا على رجل بالزنا فقالا: معنا شاهدان آخران فلان وفلان، وهما في البلد هل يمكنهما أن يأتيا بهما أم يحدا إذ لم يأتوا جميعا، قال: أرى أن يحدا وذلك لأن قولهما إنا رأينا فلانا يزني ومعنا فلان وفلان، إنما يقولان سلوا فلانا وفلانا عن تصديق ما قلنا، فليس هذا بوجه الشهادة إلا أن يأتوا جميعا.
قال محمد بن رشد: قد مضت هذه المسألة متكررة في أول رسم من سماع عيسى من كتاب الشهادات، وزاد فيها " قد بلغني ذلك عن مالك "، وعلل ابن القاسم تضعيف الشهادة وإيجاب الحد على الشاهدين في هذه المسألة بعلتين، إحداهما تفرق الشهود في الشهادة فقال: ليس وجه الشهادة إلا أن يأتوا جميعا، والثانية قول الشاهدين اللذين شهدا: معنا فلان وفلان لأنهما حصلا قولهما هذا في معنى من قام على رجل في الزنا وشهد عليه في ذلك فلا يجزئه أن يأتي بثلاثة شهود سواه ويحد إلا أن يأتي بأربعة شهداء، فكذلك