نفي الرجل عن أبيه جارية على هذا الاختلاف، والمشهور من قول ابن القاسم أنها لا تجوز، فهو قوله في سماع أبي زيد من هذا الكتاب، وفي سماع عيسى، من كتاب الحدود، وظاهر ما في الديات من المدونة أنها جائزة، واختلف إذا شهد أربعة على الزنا أحدهم ولد زنا، فقيل: إنهم يحدون كما لو كان أحدهم عبدا، وهو قول أصبغ ومذهب ابن القاسم في المدونة؛ لأنه قال فيها إذا شهد على المرأة أربعة شهود بالزنا؛ أحدهم زوجها جلد الثلاثة، ولاعن الزوج، ولا فرق بين المسألتين، وقيل: إنهم لا يحدون بخلاف إذا كان أحدهم عبدا، وهو قول ابن أبي حازم في المبسوطة واستحسان ابن القاسم فيها، وأما إن لم يعثر على أنه زوجها، أو على أنه ولد زنا حتى أقيم الحد، فيدرأ الحد عن الثلاثة، ويحد ولد الزنا والزوج إلا أن يلاعن، واختلف هل يرثها إن كانت رجمت؟ فقال ابن القاسم: إنه يرثها إلا أن يعلم أنه تعمد الزور، أو يقر بذلك على نفسه له قتلها. قال غيره: لأن الله فرض له الميراث، فلا يمنع منه بظن، وقال أصبغ: لا يرثها؛ لأن عليه اللعان وهو يجرحه من أن يكون شاهدا، وأرى فيه تهمة العامد لقتل وارثه، والسنة ألا يرث عامد من دية من قتل شيئا، ولا من ماله، وهذا الاختلاف يدخل بالمعنى في إجازة شهادة الأب على ابنه الموسر بقتل عمدا أو زنا، وهو محصن، وقد مضى القول على ذلك في أول سماع سحنون. وأما قول سحنون في أن شهادة الرجل لا تجوز في جرح اقتص منه في مثله، فهو شذوذ أغرق فيه في القياس، وبالله التوفيق.
[مسألة: شهادة الصبيان في القتل]
من سماع محمد بن خالد من ابن القاسم
قال محمد بن خالد: سمعت ابن القاسم يقول: إن شهادة الصبيان تجوز في القتل كما تجوز في الجراحات.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة قد مضى القول فيها مستوفى في آخر سماع أشهب، فلا معنى لإعادته، وإنما تجوز شهادتهم في القتل إذا