الشديدة بخلاف الأرض البطحاء اللينة في انجلاب الماء إليها من قرب، وهذا مثل قوله في المدونة سواء، ومن الآبار آبار تكون في أرض رخوة، وأخرى تكون في أرض صلبة أو في صفا، فإنما ذلك على قدر المضرة بالبئر، فحريم الآبار عند مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنما هو ما يضر بها قرب أو بعد، ولا حد في ذلك، والحد المروي فيه عن ابن شهاب لا وجه له في النظر والقياس، إلا أن يكون ذلك عن توقيف عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يجب الوقوف عنده.
وقوله في هذه الرواية: إلا أن يضر ذلك بجاره ضررا بينا، هو أن يستفرغ ماء بئر جاره، وذلك خلاف لظاهر ما في المدونة إذ أطلق الضرر فيها من غير تقييد بصفة، وابن كنانة يقول: إن له أن يحفر في داره بئرا، وإن أضر ذلك ببئر جاره، وأشهب يقول: إنه إن كان يجد بدا من احتفار ذلك، وليس بمضطر إليه منع من ذلك، وإن كان مضطرا كان له أن يحفر وإن أضر بجاره، فيتحصل في ذلك أربعة أقوال: له أن يحفر وإن أضر حفره ببئر جاره، وليس له أن يحفر إذا أضر حفره ببئر جاره، والفرق بين أن يستفرغ ماء بئر جاره أو لا يستفرغه، والفرق بين أن يجد مندوحة عن الحفر أو لا يجد، وبالله التوفيق.
[: فيما قرب من العمران من الموات الذي يتشاح الناس فيه]
ومن كتاب الأقضية الثالث وسئل مالك فقيل له: إن عاملنا أقطعنا أرضا أربعمائة ذراع من حد كذا إلى حد كذا، فغبت عنها، فوثب عليها رجل فعمرها وبنى فيها، ثم قدمت فأردت أخذها فقال: لا أراك