[تداعيا في أرض فبذرها أحدهما فولا والآخر قمحا على فول صاحبه]
ومن كتاب أول عبد ابتاعه فهو حر قال: وسألته عن الرجلين تداعيا في أرض، فبذرها أحدهما، فولا، ثم أعقب الآخر فبذرها قمحا على قول صاحبه، وقلب ما نبت منه، فاستهلك بذلك الفول، ثم اختصما، فاستحقها الذي كان بذرها فولا، فقال: إن كان استحقها في أول عمل، كان كراؤها له على الذي بذر القمح، ويكون زرعها للذي بذره، ويغرم صاحب الحق لرب الأرض الذي استحقها مع كرائها، قيمة الفول الذي استهلك، وذلك أنه كان زرعها على ما كان يدعي من حقه في الأرض، ولم يكن غاصبا لها. قال: وإن استحق الأرض ربها، وقد فات أوان العمل، فلا كراء لمستحقها، على الذي بذر قمحا، والقمح للذي بذره، وعليه غرم قيمة الفول الذي استهلك على كل حال.
قلت: ما الذي أوجب عليه كراء الأرض إن استحقت في أوان العمل، ووضع ذلك عنه إن استحقت، وقد فات أوان عملها فقال: لأنها حين استحقها في أوان العمل، كان أحق بأرضه والانتفاع بها، فلما وجدنا فيها بذر رجل بشبهة، لم يجز لنا أن نأمر مستحقها بفساد ذلك البذر، وأمضيناه للذي بذره بالشبهة، وأغرمنا لرب الأرض، كراء الأرض لما منع من الانتفاع بها، وقد استحقها في أوان عملها، ولو كان غاصبا أمر مستحقها بطرح ما فيها، ولم يحل بينه وبين الانتفاع بأرضه، إلا أن يشاء أن يقر البذر لصاحبه، ويأخذ كراء أرضه؛ فذلك له.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال: إن الرجلين إذا تداعيا في أرض، وهي بأيديهما جميعا، وليست في يد واحد منهما، فزرعاها جميعا،