قال إنما أغرمته القيمة لجرمه، وقال يضرب القاتل والسيد مائة مائة سوط ويسجنان عاما، وقول أصبغ في الواضحة إنما أغرمته القيمة لجرمه ليس بجيد؛ لأن إغرامه القيمة لجرمه على قوله إنما هو من باب العقوبة في الأموال، وإذا عاقب القاتل بغرم ما لا يجب عليه غرمه فالسيد أحق ألا يعطي القيمة لجرمه في الأمر بقتل عبده، فقول سحنون أظهر، ولو قال أصبغ إنما أغرمته القيمة لإسقاط سيد العبد إياها عنه قبل وجوبها له عليه إذ لا تجب عليه إلا بعد قتل العبد لكان ذلك وجها؛ لأن لزوم إسقاط الحق قبل وجوبه أصل مختلف فيه والله الموفق.
مسألة قال سحنون لو أن رجلين جرحا عبدا لرجل جرحه أحدهما موضحة والآخر منقلة أو قطع يده فمات العبد ولا يدري أمن أي ضربة مات، قال: يخير في أخذ القيمة من جارحه الأول تامة، ويرجع الأول على الثاني فيأخذ منه ما نقص جرحه من قيمة العبد فيكون له؛ لأنه قد غرم قيمته تامة، أو يأخذ القيمة من الثاني قيمته بالجرح الأول، ويرجع سيد العبد فيأخذ من الجارح الأول ما نقص جرحه.
قال محمد بن رشد: قوله إنه يخير في أخذ القيمة تامة من جارحه الأول أو ناقصة من الجارح الثاني معناه أنه يصدق فيمن ادعى عليه منهما أنه مات من جرحه مع يمينه، فيكون الحكم فيه على ما ذكر؛ لأن من جرح عبده فحيي بعد الجرح ثم مات لا يستحق سيده قيمته إلا بعد يمينه أنه مات من ذلك الجرح على ما مضى في رسم شهد من سماع عيسى من هذا الكتاب وفي رسم المجالس من سماع أصبغ من كتاب الديات، وهو نص قول أصبغ في سماعه بعد هذا أنه يحلف على من شاء منهما أنه مات من جرحه ثم يكون الحكم فيه