فإن كانت مطلقة غير مقيدة استحب للزوج الوفاء بها لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أحق الشروط أن تفوا بها ما استحللتم به الفروج» ولم تلزمه، وإن كانت مقيدة، فلا تخلو من أن تكون مقيدة بتمليك أو طلاق أو عتاق، أو تكون مقيدة بوضع بعض الصداق، فأما إن كانت مقيدة بتمليك أو طلاق أو عتاق، فهي لازمة والنكاح جائز، وقيل: إن النكاح فاسد يفسخ قبل الدخول ويثبت بعده ويكون للمرأة صداق مثلها، وهو قول سحنون، وللخروج من هذا الخلاف تفقد الشرط عندنا في الصدقات على الطوع، وهذا إذا كانت التسمية في أصل العقد مع الشرط، وأما إن تزوجها نكاح تفويض على الشرط ثم سمى لها بعد ذلك الصداق، فلا اختلاف في أن النكاح جائز والشرط لازم، وأما إن كانت مقيدة بوضع بعض الصداق فقد مضى ما في ذلك من الاختلاف في الرسم الذي قبل هذا، فلا معنى لإعادته. وأما ما كان منها يفسد به النكاح فلا حد لها وبعضها أشد من بعض، من ذلك أن يتزوجها على أن لا ميراث بينهما أو على أن الطلاق بيدها أو على أن لا نفقة لها أو على أن الخيار لأحدهما، وما أشبه ذلك مما الحكم فيه إذا وقع مذكور في مواضعه من الكتاب، وسيأتي على ذلك كله إن شاء الله الكلام، وبالله التوفيق.
[مسألة: نكح نكاح سر بلا شهداء هل يطلقها طلقة أو يدعها بغير طلاق ويفسخ منه]
مسألة وسئل عمن نكح نكاح سر بلا شهداء أحب إليك أن يطلقها طلقة أو يدعها بغير طلاق ويفسخ منه؟ فقال: يطلقها طلقة ثم يدعها حتى تنقضي عدتها ثم يتزوجها.
قال محمد بن رشد: ليس الإشهاد من شروط صحة العقد، وإنما يجب عند الدخول، ومن تزوج ولم يشهد فنكاحه صحيح ويشهدان فيما يستقبلان إلا أن يكونا قصدا إلى الاستسرار بالعقد، فلا يصح أن يثبتا عليه لنهي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن نكاح السر، ويؤمر أن يطلقها طلقة كما قال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - لشبهة العقد، ثم يستأنف العقد معها بعد أن تستبرئ نفسها بثلاث حيض إن كان قد دخل بها، هذا الذي يؤمر به في نكاح السر من أتى مستفتيا