قال: إن رد الذي قاطع نصف ما في يديه إلى الذي تمسك كان العبد بين الثلاثة بالسواء، وإن أبى أن يرد شيئا لم يكن له في العبد شيء، وكان العبد بين الذي تماسك وبين الذي وضع بنصفين.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال؛ لأن الذي وضع منهم حظه من الكتابة لم يسقط بوضعه حظه منها حقه في الرقبة، إن عجز عما بقي منها لشركائه، فإن عجز وبقي الذي قاطع على ما قاطع به كان المكاتب بين الذي وضع وبين الذي تماسك بنصفين كما قال، وإن أراد الذي قاطع أن يرجع على حظه في رقبة المكاتب، قيل له: رد نصف ما قاطعت به؛ لأن الذي وضع لا حق له فيما قاطعت به، إذ قد كان وضع عن المكاتب ما كان له عليه، ولو كانت مقاطعته إياه بغير إذن شريكه لم يكن له أن يرد نصف ما قاطع به ويرجع في رقبة المكاتب، ولكان الخيار في ذلك إلى الذي تماسك بالكتابة، وبالله التوفيق.
[مسألة: كاتب عبده على أن يأتيه بعبده الآبق]
مسألة وقال، في رجل كاتب عبده على أن يأتيه بعبده الآبق أو بعيره الشارد: إن الكتابة جائزة، وعليه أن يأتي بالعبد أو بالبعير، فإن لم يأت به وأيس منه عجز.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال، والكتابة على هذا تشبيه للجعل الجائز، وهي جائزة، والأصل في جوازها ما جاء: من «أن سلمان الفارسي كاتب أهله على مائتي ودية يحييها لهم، فقال له رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إذا غرستها فأذني"، فلما غرسها أذنه، فدعا له رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلم تمت منها ودية واحدة» وقد مضى هذا في رسم أشهب، وبالله التوفيق.