لأن البيع إن وقع بينهما على أن يعدها له البائع كان غررا، إذ لا يدري المبتاع ما يعطيه البائع لأنه يتفاوت تفاوتا بعيدا في الصغر والكبر والنضج والطيب، وإن وقع بينهما على أن يعدها المبتاع لنفسه ويختار دخله التفاضل فيما لا يجوز التفاضل فيه، وبيع الطعام قبل استيفائه؛ لأنه مخير بين أن يأخذ الصغير أو الكبير فكأن قد باع أحدهما بالآخر، فلا يجوز البيع في ذلك إلا على أن يكون المبتاع بالخيار حتى (يعد) له ما يعد فإن رضي أخذ وإلا ترك، وهذه المسألة تحمل على جواز صبرتين صغيرتين مختلفتين في الجودة، أو في النوع على كل واحد، فإن كانتا كبيرتين لم تجز لأنه خطر، إذ لا يدرى قدر ما في كل واحدة، فإن كثرت الجيدة غبن البائع، وإن قلت غبن المشتري، فإن صغرتا حتى يعلم قدر كل واحدة جاز على ما قال في اللحم، فهو قياسه، وبالله التوفيق.
[مسألة: خلط الزيت الرديء بالجيد]
مسألة وسألته: عن الرجل يخلط الزيت الرديء بالجيد، والقمح الرديء بالجيد، هل يحل شيء من هذا؟ قال ابن القاسم: لا خير في هذا ولا يحل، وهذا من الغش فلا يحل، وإن كان يريد أن (يبين) إذا باع فلا خير في ذلك، ولا يحل له خلطه، ولا أدري كيف سألت عن هذا؟ وقال لي مالك مرة في شيء سألته عنه: أنت حتى الساعة هاهنا تسأل عن مثل هذا.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال، إن خلط الجيد بالرديء للبيع من الغش الذي لا يجوز لأحد أن يفعله، وإن بين عند البيع أنه مخلوط،