الاستئجار على الحمل بخلاف الاستئجار على الحراسة والرعي، يختلف في الإجارة على الحمل في انتقاض الإجارة بتلف الشيء المستأجر على حمله، ولا يختلف في أنه لا يحتاج في شيء من ذلك إلى اشتراط الخلف، ولا يختلف في الاستئجار على الحراسة والرعي في انتقاض الإجارة بتلف الشيء المستأجر على حراسته ورعيه، ويختلف في وجوب اشتراط الخلف في عقد الإجارة على ذلك إذا عين، ولم يتكلم في هذه الرواية على ذلك، فيحتمل أن يكون تكلم فيها على غير التعيين. وأما إن كان متاع البيت أو الغنم أو النحل - بالحاء غير المعجمة - معينا فلا تجوز الإجارة على حراسة شيء من ذلك على مذهب ابن القاسم في المدونة إلا بشرط الخلف، خلاف قول سحنون وابن حبيب، وقول أشهب في سماع أصبغ، وأما الاستئجار على حراسة أصول النخل، فلا يحتاج فيها إلى شرط؛ لأنها مأمونة لا يخشى عليها التلف، وبالله التوفيق.
[يستأجر الرجل بدينار في السنة ويقدم إليه الدينار ثم لا يتفقان وقد عمل عنده الشهر]
ومن كتاب الشريكين وسئل مالك عن الرجل يستأجر الرجل بدينار في السنة، ويقدم إليه الدينار ثم لا يتفقان، وقد عمل عنده الشهر فيتحاسبان، ويرد إليه بقية ما عليه دراهم، قال: لا يعجبني مثل هذا، ثم قال بعد ذلك: أرجو أن يكون خفيفا إذا صح أمرهما. وقال ابن القاسم: وهذا الآخر أحب إلي.
قال محمد بن رشد: اختلف قول ابن القاسم في استئجار الرجل بعينه وكراء الراحلة بعينها، والدار والأرض وما أشبه ذلك، فمرة حمله محمل السلم الثابت في الذمة، ومحمل الإجارة المضمونة من أجل أن المنافع تقتضي شيئا بعد شيء، فهي غير معينة في أن الإقالة فيها لا تجوز، وإن لم يكن فيها بمجردها فساد إذا ظهر المكروه فيها بإضافتها إلى الصفقة الأولى؛ لأنه اتهمهما على القصد إلى ذلك، والعمل عليه، فمنع من ذلك حماية للذرائع. وعلى هذا يأتي قوله الأول في الرجل يستأجر الرجل بدينار في