ثم ذهب إلى منزله فنظر إلى كتب عنده، فإذا هو ما قال شريكه حق، قال: أرى أن يتصدق بالدنانير، ولا ينفعه إن كان حلف، وهو يرى أنه إنما حلف على حق، وإنما ينفعه ذلك في الحلف بالله، فأما الصدقة والعتق والمشي، فلا ينفعه ذلك، وليس اللغو في الصدقة والمشي، إنما اللغو في الحلف بالله، لا يكون إلا في اليمين بالله أو بشيء من صفاته وأسمائه، أو في نذر لا يسمى له.
قال محمد بن أحمد: وهذا كما قال، وهو مما لا اختلاف فيه، وحكمه في المذهب في أن اللغو مخرج؛ لأن الله لم يذكره إلا في اليمين التي أوجب فيها الكفارة، فقال تعالى:{لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ}[المائدة: ٨٩] الآية، ويجيء على مذهب من أوجب كفارة اليمين بالله في الحلف بالمشي والصدقة، وما أشبه ذلك مما فيه قربة وطاعة، أن يكون اللغو في ذلك.
[مسألة: قال لغريمه إن لم تقض صدرا من حقي يوم كذا فَعَلَيّ المشي إلى بيت الله]
مسألة وسئل مالك عن رجل كان له على رجل حق، فقال لغريمه: إن لم تقض صدرا من حقي يوم كذا وكذا، فَعَلَيّ المشي إلى بيت الله إن لم ألزمك بحقي كله، قال مالك: أرى الصدر الثلثين، ولو أن رجلا قال: النصف؛ لكان قولا، ولكن الثلثان أحب إليّ إلا أن يكون حين حلف قد أجمع على أمر شيء من أمره، فهو على ما أجمع.