[ما جاء من أن يحيى بن زكرياء لم يُذنب ذنباً بخلاف مَن سواه]
فيما جاء من أن يحيى بن زكرياء لم يُذنب ذنباً بخلاف مَن سواه وحدثني ابن القاسم عن مالك عن يحيى بن سعيد بن المسيب قال: ما من الناس أحد إلا يلقى اللَّه يومَ القيامة ذا ذنب، إلا يحيى بن زكرياء، فإن اللَّه تعالى ذكر يحيى فقال:{وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ}[آل عمران: ٣٩] قال: ثم ذُبح ذبحاً قال: ثم تناول سعيد بن المسيب شيئا من الأرض صغيراً فقال: لم يكن ذَكَرُه إِلا مثل هذا.
قال محمد بن رشد: الحديث مرفوع إلى النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ومثله لا يكون رأْيا. رواه سعيد بن المسيب عن ابن العاص سمع رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:«كُلُّ بَنِي آدَمَ يَأتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ولهُ ذَنْب إِلَّا مَا كَانَ مِنْ يِحْيَى ابْنِ زَكَرِياء» وذكر الحديث. وفي قوله: كُلُّ بَنِي آدَمَ يَأتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَهُ ذَنْبٌ إِلَّا مَا كَانَ مِن يَحْيَى ابْنِ زَكَرِيًاءَ دليل ظاهر على أن الأنبياء غير معصومين من الذنوب الصغائر، إذ لا اختلاف أنهم معصومون من الكبائر.
ويدل على ذلك من القرآن قوله عز وجل:{لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}[الفتح: ٢] وقد قيل: إِنهم معصومون من الصغائر والكبائر، وأن الخطاب في قوله تعالى للنبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - والمراد به أمته. والمعنى في ذلك:{إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}[الفتح: ١] . في الدين لتهتدي به أنت والمسلمون فيكون ذلك سبباً لغفران ذنوبهم. والأظهر أن الخطاب في ذلك للنبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وأن المعنى فيه {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}[الفتح: ١] . إِنا حكمنا لك حكماً