ويكون القول قوله، وإن لم تكن له نية لزمه ما حلف عليه.
قال القاضي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قال ابن القاسم في هذه المسألة: إنه ينوى فيها مع يمينه، ولم يذكر إن كانت عليه بينة أم لا؟ والذي ينبغي في هذه المسألة أن ينوي فيها وإن كانت عليه بينة؛ لأن نيته فيها ليست مخالفة لظاهر لفظه، إذ إنما حلف ألا يرتجعها، بخلاف مسألة رسم سلف من سماع عيسى من كتاب طلاق السنة إذ كانت يمينه ألا يراجعها، وقد مضى من القول على ذلك هناك ما فيه كفاية، وظاهر قول مالك فيما حكى ابن القاسم من أنه لم يذكر نية أنه لا ينوى يريد مع قيام البينة، إذ لا اختلاف في أنه ينوى إذا لم تكن عليه بينة فهو ينحو إلى ما في سماع أصبغ من اطراح الاعتبار بالألفاظ في هذه المسألة، وأن يمينه على ألا يرتجع أو على ألا يتزوج سرا.
[: قال لامرأته أنت طالق إن لم أضربك حتى أشتفي عليك فضربها حتى اشتفى]
ومن كتاب أوله يوصي لمكاتبه بوضع نجم من نجومه وسئل عن رجل قال لامرأته أنت طالق إن لم أضربك حتى أشتفي عليك فضربها حتى اشتفى فيما يرى، فلما رفع يده عنها ضحكت وقالت له: والله ما اشتفيت.
قال ابن القاسم: إن كان إنما حلف ليضربها حتى يشتفي فضربها حتى اشتفى في نفسه فقد بر، ولا حنث عليه، وإن قالت: لم تشتف لم يلتفت إلى قولها إذا كان هو قد اشتفى في نفسه.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال إنما حلف أن يضربها حتى يشتفي فهو أعلم هل اشتفى أم لا، ولا ينبغي أن يلتفت إلى قولها: لم تشتف، إذا كان يعلم من نفسه أنه قد اشتفى، كما لا يصح أن يلتفت إلى قولها لو قالت قد اشتفيت وهو يعلم من نفسه أنه لم يشتف، وبالله التوفيق.