كان رجل من قريش صديقا لي، وكانت بينه وبين وكيله محاسبة، وأجلسني مع رجل من أصحابنا لها ثم قال للوكيل: تكلم، فقال: قبضت منك كذا وكذا، ودفعت أيضا كذا وكذا، فقال القرشي: ما دفعت إلي شيئا، ثم قام وقال لي ولصاحبي: اشهدا لي بما سمعتما منه، فإنه كان جحدني حقي، فقلت له: لا والله ما لك عندنا شهادة ولا جلسنا لها ولا نشهدها، قال: فاذهب بنا إلى مالك، فإن أمرك أن تشهد فاشهد وإلا فدع، فقلت: لو أمرني أن أشهد ما شهدت؛ لأني لم أقعد للشهادة، فقمت معه إلى مالك، فلقيني عبد العزيز بن أبي حازم فقال له: يا أبا تمام، إن عبد الملك يكره أن يشهد لي وقص عليه القصة، فقال: ليس لك عنده شهادة، ثم دخلنا على مالك فقص عليه القصة فقلت: أمتع الله بك يا أبا عبد الله، الأمر على ما ذكر، فقال لي: يا عبد الملك، لا تشهد له، قال أصبغ: قال ابن القاسم: قال مالك: لا يعجلا بالشهادة حتى يريا صاحبه فيعلماه [أنه] إن لم يفعل شهدا عليه، فإن أضرم ولم ينصف شهدا عليه، وبالله التوفيق.
[مسألة: قالا سمعنا فلانا يذكر أنه شاهد لفلان في كذا وكذا وقد مات]
مسألة قال عيسى: قال ابن القاسم في رجلين قالا: سمعنا فلانا يذكر أنه شاهد لفلان في كذا وكذا، وقد مات، أيشهدان على ذلك؟ قال: ما أحب أن يشهدا. قيل: فإن شهدا أتقبل شهادتهما؟ قال: لا.
قال محمد بن رشد: هذا مثل ما في المدونة، وهو أمر متفق عليه، لا اختلاف في أنه لا يجوز لأحد أن يشهد على شهادة أحد بما سمع منه دون أن يشهده، وإنما اختلف إذا سمعه يشهد غيره على شهادته،