تركوه خافوا أن يكون في ذلك ما يفسد الشهادة، فربما سمع الرجل آخر كلام الرجل وفيه مقطع حق، ولو سمع الأول كان الأول يسقط الآخر فلا أرى لأحد أن يشهد عليه حتى يسمع الكلام كله أو يستشهد على شيء بعينه فيقوم به.
قال القاضي: أما الذي استفتى العالم في أمر ينوى فيه إذا أتى مستفتيا ولا ينوى إذا حضرته البينة فلا اختلاف في أنه لا يجوز له ولا لمن حضر استفتاءه إياه أن يشهد عليه أنه حلف بكذا، فإن شهدا عليه أو أحدهما باء بالإثم وكانا قد شهدا بزور إذا لم يؤديا الشهادة على وجهها بأن يقول العالم: استفتاني فلان في كذا وكذا ويقول الذي حضر سمعت فلانا يستفتي فلانا في كذا وكذا فلا يقطع شهادتهما عليه على هذا الوجه ما يجب من تنويته في يمينه، وأما الذي يستفتي العالم فيذكر له من أمره ما يوجب عليه طلاقا أو عتاقا أو حدا أو حقا لأحد من الناس فقال في رواية يحيى: إن العالم يلزمه أن يشهد عليه بما أقر به عنده إذا دعي إلى الشهادة عليه، وكذلك من حضره إذا سمع القصة كلها واستوعبها ولم يفته منها ما يخشى أن يكون فيه إبطالا للشهادة فليس رواية يحيى بخلاف لرواية عيسى؛ لأنهما مسألتان: مسألة رواية عيسى لا يجوز له أن يشهد فيها باتفاق، ومسألة رواية يحيى يلزمه أن يشهد فيها، وكل من سمع القصة واستوعبها، وذلك على مذهب ابن القاسم في المدونة، وأحد قولي مالك فيها؛ لأن مالكا لا يجيز في قوله الآخر للشاهد أن يشهد على الرجل بما سمع منه، وإن استوعب كلامه حتى يشهده على نفسه، وهي رواية ابن الماجشون عن مالك وقوله وقول ابن أبي حازم [وقع] في الثمانية، قال عبد المالك: