على عبده وأم ولده؛ إذ له أن يحجر عليهما، وأن ينتزع أموالهما، فتحجيره عليهما أقوى من تحجير الأب على ابنه، والوصي على يتيمه؟ فوجب أن تكون حيازة ما وهب لهما أحوز من حيازته، لما وهبه لابنه أو يتيمه؛ فهذا وجه ما يدل عليه ظاهر ما في المدونة، ووجه هذه الرواية أن جواز انتزاع المال تضعيف في الحيازة لا تقوية لها؛ لأنه إذا تصدق على أم ولده أو على عبده، ثم أمسك ذلك عند نفسه، ولم يدفعه إليهما، أشبه الانتزاع والارتجاع؛ إذ لم يسلم ذلك إليهما، وهما غير سفيهين؛ وأما الأب والوصي فإنما منعهما أن يسلما ما وهباه لمن إلى نظرهما كونه سفيها، فرواية يحيى أظهر، وكان أبو عمر الإشبيلي يستحب العمل بها، فإن عمل أحد بدليل المدونة، مضى عنده ولم يرد، وبالله التوفيق.
[مسألة: يتصدق على امرأته بمزرعة في آخر أيام المزارعة]
مسألة قال يحيى: وسألت ابن القاسم عن الرجل يتصدق على امرأته بمزرعة في آخر أيام المزارعة، وهو صحيح، فأقام بعد ذلك نحوا من شهر ثم هلك، غير أنه قد أشهد لها على الصدقة وعرف بحوزها الشهود، فلم تعمل المرأة فيها عملا بحرث ولا غيره حتى مات زوجها، وزعمت أنه لم يمنعها من العمل إلا ما كان فات من الزمن مع ضعف سكته عن القليب في أوانه، وقد كانت البقر ضعفت، فلم يقلب أهل منزلها حتى مات زوجها؛ فقال: إن جاء من ذلك ما يبين عذرها، مثل أن يتصدق بذلك ثم يعجله الموت قبل أوان عمل أمكنها، أو جني شجر، أو عذق، أو إصلاح عمل حضر،