سحنون، وقد روى ذلك عن مالك، من رواية محمد بن معاوية الحضرمي، ولا خلاف فيما سوى ذلك من تغريقهم بالماء، ورميهم بالمجانيق وما أشبه ذلك، وأما إن كان فيهم مع المقاتلة النساء والصبيان، ففي ذلك أربعة أقوال؛ أحدها: أنه يجوز أن يرموا بالنار، ويغرقوا بالماء، ويرموا بالمجانيق، وهو قول أصبغ فيما حكاه عنه ابن مزين. والثاني: أنه لا يجوز أن يفعل بهم شيء من ذلك كله، وهو قول ابن القاسم، فيما حكاه عنه الفضل. والثالث: أنه يجوز أن يرموا بالمجانيق، ويغرقوا بالماء، ولا يجوز أن يرموا بالنار، وهو قول ابن حبيب في الواضحة. والرابع: أنه يجوز أن يرموا بالمجانيق، ولا يجوز أن يغرقوا ولا يحرقوا، وهو مذهب مالك في المدونة، وأما إذا كان فيه مع المقاتلة أسارى المسلمين، فلا يرموا بالنار ولا يغرقوا بالماء، واختلف في قطعه عنهم، ورميهم بالمجانيق، فقيل: ذلك جائز، وهو قول ابن القاسم وأشهب في سماع سحنون، وقيل: لا يجوز، وهو قول ابن حبيب في الواضحة، وحكاه عن مالك وأصحابه المدنيين والمصريين، وأما السفن فإن لم يكن فيها أسارى المسلمين جاز أن يرموا بالنار للعلة المتقدمة، وإن كان فيها النساء والصبيان قولا واحدا، وإن كان فيها أسارى المسلمين، فقيل: إن ذلك جائز، وهو قول أشهب في سماع سحنون، وقيل: لا يجوز، وهو قول ابن القاسم فيه، والله الموفق.
[مسألة: المرأة والغلام الذي لم يحتلم من العدو يقاتلان مع العدو ثم يوسران]
مسألة وقال في المرأة والغلام الذي لم يحتلم من العدو يقاتلان مع العدو، ثم يوسران إن قتلهما بعد الإيسار حلال جائز، كما كان يحل ذلك منهما في حال القتال والمكابرة قبل الأسر ولا يتركان؛ «لنهي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن قتل النساء والصبيان» ؛ لأنهما قد استوجبا القتل بقتالهما.
قال محمد بن أحمد: يريد بقوله: لا يتركان؛ لنهي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أي لا يترك قتلهما تحرجا، إذ لا تؤمن غائلتهما؛ لأن قتلهما واجب، وإن أمنت