يعارض هذا ما في آخر كتاب التفليس من المدونة في المرتد يهرب بماله إلى بلد الحرب، فقاتل مع المشركين، فغنم المسلمون ماله أنه يبدأ فيه بما عليه من الديون، ويكون الباقي فيها للجيش؛ لأن الغرماء إنما عاملوه على ماله الذي هرب به، وقد كان وجب لغرمائه من الحق أن يبدءوا بحقوقهم فيه، فليس هروبه بالذي يسقط حقهم فيه، ولو هرب إلى بلاد الحرب بغير مال، فاكتسب فيه مالا وغنم المسلمون لما وجب لغرمائه فيه حق على هذا التعليل، ولو أن الحربي على قياس هذا لما استأمن عامل الناس، فاستسلفهم واشترى منهم بالديون، ثم هرب بماله إلى بلد الحرب فغنمه المسلمون، وعلم أنه المال بعينه الذي هرب به وعامله عليه المسلمون لوجب أن يبدءوا فيه بديونهم، ويكون الباقي فيئا لجميع المسلمين على حكم مال المرتد إذ ليس بملك معين على أصلهم فيما وجد في الغنيمة من أموال المسلمين أنه يقسم، وإن علم أنه للمسلمين إذا لم يعلم صاحبه بعينه وبالله التوفيق.
[علجين من أهل الحرب خرجا إلى دار الإسلام برقيق لهما فأسلم أحدهما]
ومن سماع يحيى بن يحيى من ابن القاسم من كتاب الكبش قال يحيى: وسألت ابن القاسم عن علجين من أهل الحرب خرجا إلى دار الإسلام برقيق لهما ومنها ما من بلادهما، فلما خرجا إلى دار الإسلام أسلم أحدهما فقال: لو أقاما على النصرانية جميعا أو أسلما جميعا قسمت بينهما كل ما كان في أيديهما مما تداعيا فيه إلا أن يعرف ذلك في يد أحدهما دون صاحبه، فأما إذا أسلم أحدهما، فأمر المقيم على دينه إلى الإمام، والإمام فيما كان في أيديهما على مثل دعوى النصراني.
وإن أقر النصراني أنه لا حق له في الرقيق والمتاع، وقد كان يعرف جميع ذلك في أيديهما لم ينتفع المسلم بذلك الإقرار؛ لأنه بمنزلة العبد، ولكن للإمام أن يقاسم المسلم إذا لم يعرف