أشهب بينهم في تحريم سبيهم، ومساواة أصبغ في إيجاب ذلك، وتفرقة ابن القاسم بين ذلك، وهو القول الصحيح من جهة النظر؛ لأن المرتدين أحرار من أصولهم، والمعاهدين لم تتم حريتهم بالمعاهدة، وإنما كانت عصمة لهم من القتل والسبي، فإذا نقضوها رجعوا إلى الأصل، فحل دماؤهم وسباهم، وقد مضى بيان القول في هذا في رسم الجواب، من سماع عيسى.
[مسألة: ثمار بين عمران الإسلام والشرك هل يحل للمسلمين الأكل منها]
مسألة وسئل سحنون وذكرت له ثمار تكون في مفاز الأندلس بين عمران الإسلام وعمران الشرك، كانت لأهل الإسلام، وتركوها وصارت خارجة عن ملكهم بأرض مفازة، وصار العدو لسيد أبقاؤه عليها ولأهل الإسلام، وكلهم فيها سواء في الخوف، فمر بها جيوش المسلمين وسراياهم وصوابقهم، هل يحل لهم الأكل من تلك الثمار؟ قال: أما الجيوش الغالبة العظيمة التي شأنها القهر والغلبة، فلا أرى لهم الأكل منها؛ لأنه يصير لتلك الثمرة ثمن، وأما السرية والنفر اليسير الذي شأنهم التحلل، فلا أرى بأسا إن أكلوا منها، وهي عندي بمنزلة الضالة يجدها الرجل في الفلاة نائية عن القرى، فإنه في سعة من أكلها؛ لأنه قد جاء الحديث فيها، فقال:«هي لك، أو لأخيك، أو للذئب» . وأما العسكر الكبير فإنما الثمرة بينهم بمنزلة الشاة الضالة، توجد بقرب العمران وموضع الأمان، فلا تحل لمن وجدها.