إبريسم كساه إياه هارون الرشيد، إذ لم يكن ليلبس ما يعتقد أنه يأثم بلباسه.
والرابع: الفرق بين ثياب الخز وسائر الثياب المشوبة بالقطن والكتان، فيجوز لباس ثياب الخز اتباعا للسلف، ولا يجوز لباس ما سواها من القطن والكتان، بالقياس عليها؛ لأن الخز إنما استجيز اتباعا للسلف؛ لأن لباسه رخصة، والرخص لا يقاس عليها، وإلى هذا ذهب ابن حبيب، وهو أضعف الأقوال، إذ لا فرق في القياس بين الخز وبين غيره من المحررات التي قيامها حرير ة وطعمها قطن أو كتان؛ لأن المعنى الذي من أجله استجاز لباس الخز من لبسه من السلف أنه ليس بحرير محض، موجود في المحررات وشبهها، فلهذا المعنى استجازوا لبسه لا من أجل أنه خز، إذ لم يأت أثر للترخيص لهم في لباس الخز، فيختلف في قياس غيره عليه. وبالله التوفيق.
[يعاب العالم بما لا يؤثر في عدالته]
خبر: قد يعاب العالم بما لا يؤثر في عدالته قال مالك: بلغني أن رجلا دخل على رجل له قدر، وهو يأكل، فلم يعرض عليه أن يأكل معه، فعاب عليه ذاك ذلك الرجل، فقال: إن في مستمعها أمورا كثيرة وقد يكون في العالم الأمر يعاب به.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال؛ لأن هذا مما يعاب به الرجل؛ لأنه من مذموم الأخلاق، وليس من مكارمها ومحاسنها، وإن النقص الذي يعاب به الرجل لا يخلو من أكثر البشر. فقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا ثلاثة: مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد» .