للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيء دعاه فقال له: إن كان الشيء لي فهو لك، وإن كان لك فلا تحمدني. قال لي مالك: يكره لنفسه الخصومة وينزهها عنها.

قال محمد بن رشد: هذا من الخلق الكريمة العلية، يحمل على نفسه في ماله، ولا يمتهنها في الخصام الذي يولد العداوة والهجران المنهي عنهما، وبالله التوفيق.

[التحليل من الظلامات]

في التحليل من الظلامات قال مالك: كان ابن المسيب إذا كان بينه وبين أحد شيء لم يخاصمه وقال: موعده يوم القيامة ولا يحلله. وأتاه مكاتب له يستأذنه في الخروج، فقال لا، فذهب المكاتب فأصلح شأنه وأراد الخروج، فقيل له: مكاتبك يخرج، فقال موعده يوم القيامة. قال مالك: يوقن بيوم الحساب ويعلم أن الناس مستوفون حقوقهم، فقيل لمالك: أيهم أحب إليك في نظر المرء لنفسه، أيترك ذلك لطالبه ويحلله أم لا يفعل؟ فقال: ما أدري وما هذا بالبين، ولقد كان من الناس من يرى ذلك وتأول حسنة بعشر أمثالها، وما هذا بالبين عندي ولا هذا، والذي لم يعف لمستوف حقه.

قال محمد بن رشد: قد مضى هذا قبل في هذا السماع من مذهب سعيد بن المسيب مثل هذا في غلامه الذي أبق، ومضى في رسم نذر سنة من سماع ابن القاسم تحصيل الاختلاف في التحليل من الظلامات فلا وجه لإعادته، وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>