فالتباعة في ذلك للمبتاع أو المولي أو المشرك على البائع الأول؛ لأنه إنما اشترى ما في الذمة، فوجب ألا يكون له إلا اتباعها كالحوالة؛ والأصل في هذا قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «ومن أتبع على مليء فليتبع» . ولو اشترط أن تباعته على الذي باعه أو ولاه أو أشركه، لم يجز؛ لأنه غرر باع منه على أن يضمن له ما لا يلزمه ضمانه؛ وهو معنى قوله ولو اشترط المشتري الآخر أن البائع الثاني ضامن لحقه حتى يستوفيه من الذي سلف فيه أولا، كان ذلك مكروها لا يجوز؛ وكذلك لو اشترط عليه أنه ضامن للثمن الذي دفع إليه إن مات أو فلس لم يجز أيضا؛ لأنه قد أخذ للضمان ثمنا ولم يشترط في هذه المسألة أن يكون الذي عليه الطعام أو السلعة حاضرا مقرا؛ وقد اختلف في ذلك، فقيل: إنه لا يجوز إلا أن يكون حاضرا مقرا؛ وقيل: إنه يجوز إذا كان قريب الغيبة حتى يعلم ملؤه من عدمه، وحياته من موته؛ وقد مضى القول في هذا المعنى في رسم القبلة من سماع ابن القاسم، وفرق ابن حبيب في هذا بين الطعام والبيع، فقال إنه في الطعام إذا لم يكن حاضرا ذريعة لبيعه قبل استيفائه، وليس ذلك ببين.
[مسألة: ابتاع سلعة بعينها أو طعاما فأشرك فيه عند مواجبة البيع أو ولاه]
مسألة قال عيسى قال ابن القاسم: ومن ابتاع سلعة بعينها أو طعاما، فأشرك فيه عند مواجبة البيع أو ولاه، فتباعته على البائع الأول؛ وإن باعه إياه فتباعته على المشترى الأول، إلا أن يشترط أن تباعته على البائع الأول بحضرة البيع الأول، فذلك جائز؛ ومن ابتاع سلعة فبان بها، يعني انقلب بها أو فارق بائعها، ثم أشرك فيها أو ولاها أو باعها، فتباعته على الذي ولاه أو أشركه أو باع منه.
قال محمد بن رشد: فرق في هذه الرواية بين التولية والشركة، وبين