مسألة وقال: في رجل اغتصب امرأة فحملت منه، قال: لا يطأها زوجها حتى تضع، قيل له: فإن قال زوجها لا حاجة لي بامرأة اغتصبت، هي طالق ألبتة، قال: لا بد من الثلاث حيض بعد الوضع. قال: ولو لم تحمل من المغتصب، ثم طلقها زوجها حين اغتصبت، قال: فثلاث حيض تكفيها لهما جميعا من طلاق الزوج، ومن استبراء الماء الفاسد الذي للغاصب.
قال محمد بن رشد: قوله: إن الحامل من زنى لا يجوز لزوجها أن يطأها صحيح لا اختلاف فيه؛ لأن النهي الشديد قد جاء في ذلك عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، روي عنه أنه قال: وقد رأى امرأة عند خباء أو فسطاط، يريد حاملا، والله أعلم:«لعل صاحب هذه أن يلم بها، لقد هممت أن ألعنه لعنة تدخل معه في قبره، كيف يورثه وهو لا يحل له؟ وكيف يسترقه وهو لا يحل له» ، وفي حديث آخر:«ويحه، أيورثه وهو ليس منه؟ أو يستعبده، وقد عداه في سمعه وبصره» ، فإذا وطئ الرجل أمته وهي حامل من غيره أدب، إلا أن يعذر لجهالة، ولا اختلاف في هذا، وإنما اختلف هل له أن يباشرها أو يقبلها أم لا؟ على قولين، الصحيح منهما، أن ذلك لا يجوز له، وهو قول مالك، ومن أهل العلم من يوجب على الرجل إذا وطئ أمته وهي حامل من غيره عتق ما في بطنها، من أجل أنه قد عداه في سمعه وبصره، كما جاء في الحديث، ويرى الحكم عليه بذلك، وهو قول الليث بن سعد، ومنهم من لا يرى الحكم عليه بذلك، ويستحب له أن يفعله، وهو دليل قول مالك في الواضحة ونص قول ابن حبيب فيها، وقد قيل: إنه إنما يستحب له أن يعتقه لاحتمال أن يكون ما ظهر بها من حمل ليس بحمل، فلما وطئها حملت منه، فعلى هذا التأويل لا يستحب له عتقه إلا إذا ولدته لما يلحق به الأنساب