من سماع أصبغ من كتاب البيوع العاشر قال أصبغ: سألت ابن القاسم عن الرجلين يشتركان في عمل الزرع فيريد أحدهما الخروج ويبدو له، قال: إن كانا لم يبذرا كان ذلك له، وإن كانا قد بذرا فليس ذلك له، ويلزمه العمل معه على ما أحب، وإن عجز ولم يقو قيل لشريكه اعمل فإذا يبس الزرع فاستوف حقك واد فضلا إن كان فيه إلى صاحبك، وإن لم يكن فيه فضل وقصر عما انفق اتبعه به، لأن العمل كان يلزمه معه على ما أحب، لأنه ليس مما يستطاع أن يقسم ولا يباع، فإن ترك العمل مع صاحبه هلك زرع صاحبه وقد اشتركا على أمر حلال، فليس له أن يتركه بعد بذره.
قال محمد بن رشد: قوله إن كانا لم يبذرا كان ذلك له، وإن كان قد بذرا فليس ذلك له، يريد فليس ذلك له فيما قد بذر إذ لا يستطيعان أن يقسما ما قد بذرا حتى يحصداه ويقتسماه بالكيل، وأما ما لم يبذرا بعد فلا يلزم الآبي أن يتمادى مع شريكه على بذر ما بقي من زراعتهما، وكذلك إن كانا قد قلبا الأرض ولم يزرعاها بعد فلا يلزم الآبي منهما أن يزرعها معه لأنهما يقدران على قسم القليب وعلى بيعه وقسم ثمنه على معنى قول ابن القاسم هذا، وهو معنى قوله في المدونة إذ لم تجز الشركة في الحرث إلا على التساوي والاعتدال في قيمة كراء ما يخرجه كل واحد منهما عوضا عما يخرجه صاحبه، إذ لو كانت المزارعة تلزم بالعقد لجارت وإن قيمة كراء ما يخرجه أحدهما أكثر من قيمة كراء ما يخرجه صاحبه.
وابن الماجشون وسحنون يريان المزارعة تلزم بالعقد، وهو قول ابن كنانة وابن القاسم في كتاب ابن سحنون، وإنما وقع هذا الاختلاف في المزارعة لأنها شركة وإجارة كل واحدة منهما مفضية للأخرى بكليتهما، لا