في غضب سعيد بن المسيب على ابن شهاب قال بلغني أَن سعيد بن المسيب غضب على ابن شهاب، وقال: ما حكمك علي أن حدثت عني بحديثي ابن مروان؟ فما زال حتى ترضاه. فقلت له: أهو حديث أُمهات الأولاد؟ قال: نعم.
قال محمد بن رشد: حديث أمهات الأولاد الذي عاتبه على أن حدَّث به، عنه عبد الملك بن مروان هو ما كان حدث به بأنَّ عمر بن الخطاب قضى بأن أُمهات الأولاد، متعة لساداتهنً ما عاشوا، ثم هنَّ بعد موتهم أحرارٌ من رءوس أموالهم، بعد مشورة من حضره من بقية العشرة والمهاجرين والأنصار، فيحتمل أن يكون مذهبه في أُمهات الأولاد خلاف ذلك، ولذلك عاتبه على أَن حدَثه بحديثه، لأنه قضى بما حدَّثه به، ورآهُ حجة، لانعقاد الِإجماع عنده على ذلك من الصحابة، ولم ير ذلك هو حجة إذ قد رَجع علي بن أبي طالب حين أفضت إليه الخلافة عن ذلك، فبطل الإِجماع على مذهب من يرى أَن الإِجماع لا ينعقد إلًا بعد انقراض العصر، وإذا بطل الإِجماع وسع الخلاف، فرأَى سعيد حكم ابن مروان بما حكم به خطأ أَوجبه عليه ما حدث به عنه، فلذلك عاتبه على ذلك، وغضب عليه من أجله. وهذا على أن الحق في واحد، ولو كان عنده كل مجتهد مصيب، لما عاتب ابن شهاب على أَن حدثه بحديثه. وبالله التوفيق.
[وضع الحكمة عند من لا يعقلها]
في كراهية وضع الحكمة عند من لا يعقلها قال وحدَّثني مالك أَنَّه بلغه أَن لقمان قال لابنه: لا تضع الحكمة عند من لم يعقلها، ولا يعيها ولا يعمل بها، فإن مثل ذلك كمثل الذي يتغنى عند رأس الميت. فقيل له ما تفسيره؟