والخصلة الثالثة هي من معنى قول النبي عليه السلام:«مداراة الناس صدقة» وصدق مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن هذه ليست تلحق بالأولين، فمن ترك ما لا يعنيه ووفى بما يلزمه الوفاء به وسالم الناس فقد حاز محاسن الأخلاق ومكارمها، واستحق بذلك السؤدد والشرف، وبالله التوفيق.
[تحري وقت قتال العدو]
في تحري وقت قتال العدو قال: وسألته هل بلغك أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يتحرى قتال العدو بعد زوال الشمس؟ فقال: ما بلغني وما كان قتال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أهل خيبر إلا في أول النهار حين قالوا وخرجوا بمساحيهم ومكايلهم، فقالوا: محمدا والخميس وما كان قتالهم يوم أحد إلا في أول النهار.
قال محمد بن رشد: روي «عن النعمان بن مقرن قال: شهدت مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فكان إذا لم يقاتل أول النهار انتظر حتى تزول الشمس وتهب الرياح وينزل النصر» وروي عنه أنه «قال غزوت مع النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فكان إذا طلع الفجر أمسك حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت قاتل، فإذا انتصف النهار أمسك حتى تزول الشمس، فإذا زالت الشمس قاتل إلى العصر ثم أمسك حتى يصلي العصر، ثم يقاتل، قال: وكان يقال عند ذلك تهيج ريح النصر ويدعو المؤمنون في صلاتهم» فهذا هو المروي عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في هذا خرجه الترمذي لأنه كان يتحرى قتال العدو بعد زوال الشمس فلا يقاتل قبله، هذا الذي قال مالك إنه لم يبلغه والله أعلم.