الأحاديث المذكورة على ظاهرها. فأما قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ولد الزنى شر الثلاثة» فالمعنى فيه أنه قصد بذلك لرجل بعينه كان يؤذي النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فقال: أما إنه مع ما به ولد الزنى، وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «هو شر الثلاثة» . وقد سئل عبد الله بن عمر بن الخطاب عن ذلك قال: بل هو خير الثلاثة، قد أعتق عمر بن الخطاب عبيدا من أولاد الزنى، ولو كان خبيثا ما فعل، وهو كما قال، لقول الله عز وجل:{وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[الأنعام: ١٦٤] ولقوله: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى}[النجم: ٣٩] . وقد قيل: المعنى في ذلك أنه حدث من شر الثلاثة أبوه وأمه والشيطان الذي أغواهما، لا أنه في نفسه شر، والأول أولى، لأن ذلك مروي عن عائشة.
وأما قوله:«لا يدخل الجنة ولد زنية» فالمعنى في ذلك من كثر منه الزنى حتى ينسب إليه كما ينسب إلى الشيء من كثر منه وتحقق به، فيقال لمن كثر منه الحذار ابن حذار، ولمن كثر منه السفر ابن سبيل، وللمتحققين بالدنيا بنو الدنيا، ومثل هذا كثير. وعلى هذا يحمل قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في عتق ولد الزنى لا خير فيه، وبالله التوفيق.
[تغطية الرجل لحيته في الصلاة]
في تغطية الرجل لحيته في الصلاة وسئل مالك عن الرجل يصلي فيغطي لحيته بثوبه، قال ذلك مكروه وشدده لحديث سالم أنه كان يجبذ الثوب جبذا شديدا.
قال محمد بن رشد: حديث سالم بن عبد الله هو الحديث الذي رواه عن عبد الرحمن بن المجبر أنه كان يرى سالم بن عبد الله إذا رأى