{وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}[محمد: ٣٣] إلا في موضع لا يجوز له التنفل فيه على ما استحب ابن القاسم، فلم يجز مالك في هذه المسألة على قياس، وبالله التوفيق.
[مسألة: صلى وفي ثوبه نجاسة علم به ثم نسيه حتى فرغ من صلاته]
مسألة قال ابن القاسم: وسمعت مالكا قال فيمن صلى وفي ثوبه دم من دم الحيضة، قد علم به قبل أن يدخل في الصلاة، ثم نسيه حتى فرغ من صلاته أو لم يكن رآه، قال مالك: إن كان يسيرا لم أر عليه إعادة، وإن كان كثيرا رأيت أن يعيد الصلاة ما كان في وقتها. قال ابن القاسم: قال لي مالك: دم الحيضة وغيره سواء. قال سحنون: وروى علي بن زياد، وابن نافع، وابن الأبرش، والتونسي، عن مالك: أن دم الحيضة كالبول والرجيع والاحتلام يرجع من الصلاة من قليله وكثيره، وتعاد الصلاة من قليله وكثيره في الوقت.
قال محمد بن رشد: وجه رواية ابن القاسم عن مالك في مساواته بين دم الحيضة وغيره من الدماء، أن الدم اليسير لما خفف وسومح فيه للمشقة الداخلة على الناس في التوقي منه؛ لأنه غالب، كدم البراغيث، وإذ لا ينفك الإنسان في غالب الأحوال من بثرة تكون في جسمه، وجب أن يخفف ذلك للحائض؛ لأنها لا تنفك في الغالب من أن يصيب ثوبها ذلك، وأن يخفف للرجل أيضا لحاجته أن يصلي في ثوب امرأته، ولأنه لما استخف له الدم اليسير كان حكم ما لم يخرج من بدنه حكم ما خرج من بدنه، وكذلك