المسائل كلها أن ينفد ذلك على غير الذي قصده بصدقته من غير وجوب، وأخفها الرجل يلقاه بعض إخوانه أو أقاربه فيسأله أن يصله، وتليها الرجل الأجنبي يلقاه الرجل فيذكر له حاجته فيعده أن يعطيه، وتليها الرجل يأمر بالشيء للسائل يسمعه فيوجد قد ذهب، وتليها أن يوجد فلا يقبل وهو أشهدها على ما وقع في النوادر، وهذا إذا لم تكن له نية إن لم يجده في أن يصرفه إلى ملكه أو يبتله لغيره، وأما إن كانت له نية فله نيته، وبالله التوفيق.
[: استعار ثوبا يوما أو يومين أو أياما مسماة ثم تعدى فلبسه أكثر مما استعاره]
ومن كتاب باع غلاما وسئل: عمن استعار ثوبا يوما أو يومين أو أياما مسماة ثم تعدى فلبسه أكثر مما استعاره، قال: يلزمه ما نقص من قيمتها بعد الأيام التي استعار إليها وإن كان قد أخلقه رده وما نقص من ثمنه بعد تلك الأيام التي استعاره إليها.
قال محمد بن رشد: المعروف من قوله أن صاحب الثوب مخير إذا أخلقه إن شاء أخذ ثوبه وما نقصه اللباس، وإن شاء أخذ قيمته يوم تعدى عليه، وقال أشهب: إنما هو مخير بين أخذ ثوبه ولا شيء له غيره، أو يأخذ قيمته يوم تعدى عليه، وقد روي عن ابن القاسم مثل قول أشهب، والقولان قائمان من المدونة، وما هاهنا أيضا يقوم من قوله في المدونة: وقد كان مالك يقول: يغرم ما نقص ولا يفرق بين قليل من كثير، فهي ثلاثة أقوال في الفساد الكثير، ولا اختلاف في الفساد اليسير: أنه ليس عليه إلا ما نقصه بعد الرفق، وبالله التوفيق.