للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي مضت، ولا يحل له المقام فيه إذا علم أنها مغصوبة، وتكره معاملته وأكل طعامه ما لم يتمخ من الواجب عليه في ذلك لأهل القيسارية من غير تحريم؛ لأن ما عليه من التباعة في ذلك متعين في ذمته لا في المال الذي بيده على الصحيح من الأقوال.

وقد ذكرنا ما يجوز من معاملة من خالط الحرام ماله مما لا يجوز في مسألة ملخصة في هذا المعنى كتبتها لمن سألني ذلك من المريدين. وأما إن كان أصل القيسارية حلالا وإنما بنيت بمال حرام فليس اكتراء حانوت منها للتجارة فيه بحرام، وإنما هو مكروه لا إثم في فعله ويستحب تركه؛ لأن البنيان لبانيه والحرام مترتب في ذمته. وكذلك المسجد المبني من المال الحرام يستحب ترك الصلاة فيه كما كان يفعل ابن القاسم من غير تحريم؛ لأن التباعة في ذلك إنما هي على الباني. وقد قيل إن سبيل المال الحرام الذي لا يعلم أصله سبيل الفيء لا سبيل الصدقة على المساكين، فعلى هذا القول تجوز الصلاة دون كراهة في المسجد المبني من المال الحرام المجهول أصله، وبالله التوفيق.

[الذي يريد الغزو والجهاد وله عيال وولد]

في الذي يريد الغزو والجهاد وله عيال وولد وسئل عن الرجل يريد الغزو والجهاد وله عيال وولد، أترى أن يفعل؟ قال أصبغ: إن كان يخاف عليهم الضيعة وليس عنده من يخلف لهم ولا من يقوم له بأمرهم إذا خرج فلا أرى له أن يخرج ويدعهم هكذا ضائعين بلا شيء، وإن كان عنده من يخلف لهم ويقوم بأمرهم ويكفيهم ذلك ولا عورة فيهم أن يخرج، فأرى أن يخرج ولا يدع ذلك إن شاء الله.

قال محمد بن رشد: هذا كما قال، ومثله لمالك في رسم المحرم يتخذ الخرقة لفرجه من سماع ابن القاسم من كتاب الجهاد؛ لأن قيامه على

<<  <  ج: ص:  >  >>