ويترك محاصة الغرماء أم لا؟ على ما يوجبه القياس. وبالله التوفيق.
[يغتصب أرضا فيقيم عليها البينة فيشهدون له أنها أرضه ولا يعرفون الحدود]
ومن كتاب الأقضية والحبس قال أصبغ: وسمعت ابن القاسم وسئل عن الذي يغتصب أرضا فيقيم عليها البينة، فيشهدون له أنها أرضه، ولا يعرفون الحدود، قال: يسجن المشهود عليه، ويضيق عليه مع هذه الشهادة، حتى يبين له حقه، ولا يكون للمشهود له شيء، إلا بشيء يثبت، ويعرف بشهادة أو إقرار، فإن بين له شيئا وقال: هذا حقه، حلف عليه. قال أصبغ: أو يحدها غير المشهود ويشهدون على الحدود فيجوز. قال أصبغ: وإن لم يبين واستبرى بحبس وتشديد، وأنكر الجميع، أحلف كما يحلف المدعى عليه بغير شهادة، ولم يكن للآخر قليل ولا كثير بتلك الشهادات.
قال محمد بن رشد: رواية أصبغ هذه، خلاف لرواية يحيى عن ابن القاسم، من كتاب الاستحقاق. وأما رواية عيسى عن ابن القاسم المتقدمة في هذا الكتاب، فهي مسألة أخرى وليست بمخالفة لهذه، ولا لرواية يحيى من كتاب الاستحقاق، بدليل أن أصبغ قد روى عن ابن القاسم في كتاب العروض من مجالسه كرواية عيسى حرفا بحرف. وأن ابن القاسم قال في المجموعة بمثل رواية عيسى، وزاد قال: ولو شهدوا على الأرض، ولم يثبتوا الحوز، فذكر نص رواية يحيى عنه. وقد قيل: إن المسألتين سواء، وإن الخلاف داخل أيضا في مسألة عيسى.
وقد مضى تحصيل هذه المسألة وافية من الخلاف في سماع يحيى من كتاب الاستحقاق، فلا معنى لإعادته وبالله تعالى التوفيق. لا شريك له سبحانه وتعالى وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد.