إلى القيروان مات الموصي، ولم يبلغ الموصى إليه خبر موته حتى أدركه أجله بالأندلس، فأوصى بأهله وماله إلى فلان، ولم يسم الهالك بالقيروان؛ لأنه لم يبلغه خبر موته، ولم يعلم به هل يكون هذا الموصى إليه وصيا للميتين جميعا؟ فقال: لا يكون إلا للذي أوصى إليه.
قال محمد بن رشد: ولو علم بموته، لم يكن الموصى إليه وصيا على ما أوصى به إليه، إلا ببيان على ما تقدم قبل هذا، وبالله التوفيق.
[مسألة: النصراني أله أن يوصي بجميع ماله]
مسألة وسئل سحنون عن النصراني أله أن يوصي بجميع ماله؟ فقال: ذلك يختلف، أما إذا كان من أهل العنوة فليس ذلك له؛ لأنه ورثته المسلمون إذا مات، فليس له أن يغر بميراثه واله؛ لأنه من أهل العنوة، ومن كان أيضا من أهل الصلح ممن عليه الجزية على جمجمته، وكل واحد منهم إنما عليه شيء يؤديه عن نفسه، ليس يؤخذ غنيهم بمعدمهم، فإن ذلك أيضا ليس له أن يوصي بجميع ماله، وليس له أن يوصي إلا بثلثه إذا كان لا وارث له من أهل دينه؛ لأن ورثته المسلمون، فأما إذا كان من أهل الصلح، فصالحوا على أن عليهم وظيفة معلومة من الخراج، ليس ينقصون منها أبدا لموت من مات، ولا لعدم من أعدم منهم، وهم بعضهم مأخذون ببعض، فليس يعرض لهم في وصاياهم، وليس لنا أموالهم إن مات منهم أحد ولا وارث له، كان لأهل خراجه، ليقووا في خراجهم؛ لأنهم هم المأخذون بخراجهم، وهم بعضهم قوة لبعض.