وضع عليك عن المشتري، وإن كان يقدم ذلك من ماله عن المشتري للحالف فقد بر الحالف؛ لأنه قد وصل إليه ما حلف عليه ولم يضع منه شيئا للمشتري، وسواء اتبع الغارم المشتري بما غرم عنه أو وهبه له ولم يتبعه به، وبالله التوفيق.
[مسألة: ادعى في الطلاق نية تشبه غير مخالفة لظاهر قوله]
مسألة وسئل: عن عبدين كانت بينهما منازعة، فأخذ قيم سيدهما القيد ليجعله في رجل الظالم منهما، فقال له: لم تقيدني؟ أتخاف أن أبق منك؟ امرأتي طالق البتة إن أبقت منك إلا إلى أهلي، فأبى القيم أن يصدقه بيمينه وقيده، فكسر العبد القيد وفر إلى أهله كما قال، فأقام عندهم سنتين أو أكثر ثم أبق منهم إباقا بينا هو الإباق، فقال له أهله: أتخاف أن تكون قد حنثت؟ حلفت بالطلاق ألا تأبق، فقال العبد: لم أرد الإباق أبدا إنما أردت يومئذ ألا أبق إليكم، ففعلت.
فقال له مالك: ما أراه أراد إلا اليمين الأولى ألا يأبق من القيم نفسه إلا إلى أهله، إرادة أن يؤمنه مما يخاف، قال: أرى ألا عليه شيئا، وأرى عليه اليمين ما أراد إلا ذلك.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة على أصولهم في أن من ادعى في الطلاق نية تشبه، غير مخالفة لظاهر قوله صدق فيها مع يمينه ونيته غير مخالفة لقوله، بل هي موافقة له؛ لأنه قال: امرأتي طالق إن أبقت منك، وهو لم يأبق منه، وإنما أبق من عند أهله بعد أن بر في يمينه إذ لم يأبق يومئذ، وهذا بين، وبالله التوفيق.