[أسلف دينارا إلى أجل واتخذ حميلا فلما حل الأجل قال الحميل ليس عندي]
ومن كتاب أسلم وله بنون صغار قال: وكتب إلى ابن القاسم، قاضي الإسكندرية، يسأله عن رجل أسلف رجلا دينارا إلى أجل، وأخذ عليه حميلا، فلما حل الأجل لقي الرجل الذي عليه الدينار، فقال: اقضني الدينار، فقال ليس عندي، ولكن أجعله لك في عشرة أراديب شعيرا إلى الغلة.
وكتب عليه بها ذكر حق، ثم لقي الحميل، فقال له: قد بريت من الدين الذي تحملت لي به عن فلان، فأشهد له بالبراءة، حتى مضى له شهر، ثم رجع فقال: هذا مكروه، ولم أعلم، وتعلق بالحميل، أفله أن يرجع إليه أم لا؟ قال: ليس له أن يرجع على الحميل، وقد برأ الحميل من الحمالة، ولا ينفعه ما جعل من ذلك شيء، ولا ينفعه الحرام الذي جعل فيه، ويرجع على صاحبه، والحميل بريء.
قال محمد بن رشد: إنما بطلت عن الحميل بالدينار الحمالة، من أجل أن المتحمل أبرأه منها بما ظن من جواز فسخ الدينار في الشعير إلى أجل، فلم يعذره بالجهالة؛ لأنه أصل مختلف فيه، فيأتي على القول بأنه يعذر بها إذا كان ممن يمكن أن يجهل مثل هذا أن يحلف ما أبرأه من حمالة الدينار، إلا وهو يظن أن الدينار قد بطل عن المطلوب بالشعير، الذي سلمه فيه. وهذا نحو ما حكى ابن حبيب عن أصبغ في الحميل بما على الغريم إذا أخذ الذي له الحق من الغريم، عبدا بالحق، ثم استحق العبد من يده، فرجع إلى الغريم بما كان عليه، فلا سبيل له إلى الحميل، وقد برئ الحميل حين أخذ من الغريم بالحق ما أخذ. وبالله التوفيق اللهم لطفك.