ولم يعط في المدونة جوابا بينا في العبد والأجير إذا كان في عياله فوضع عندهما ما أودع إياه فتلف، والذي يأتي على مذهبه فيها أنه لا ضمان عليه إذا كان يأتمنهما على ماله ويسترفعهما.
[: الوديعة يستودعها الرجل فيقر بها الذي هي عنده عند نفر من غير أن يشهد عليه]
ومن كتاب حلف ليرفعن أمرا إلى السلطان وسئل: عن الوديعة يستودعها الرجل فيقر بها الذي هي عنده عند نفر من غير أن يشهد عليه.
قال مالك: إن لهذه الأمور وجوها، أرأيتك لو تقادم هذا حتى يمر به عشرون سنة ثم مات فقام صاحبها يطلبها، ما رأيت له شيئا، وكأني رأيته إن كان قريبا أن يكون ذلك له، قال ابن القاسم: وذلك رأيي، ولو كان إنما ذلك الأشهر والسنة وما أشبهه ثم مات ثم طلب ذلك الذي أقر به لرأيته في ماله.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال: إن الرجل إذا أقر بالوديعة من غير أن يشهدها عليه، ثم مات وقام صاحبها يطلبها فلم توجد في ماله، إنه لا شيء له إذا طالت المدة؛ لأنه لو كان حيا فادعى ردها أو تلفها لكان القول قوله مع يمينه، فإذا كانت على الميت اليمين فقد سقطت عنه بموته، ويلزم من كان كبيرا من الورثة أن يحلف ما يعلم لها سببا، ولم يحمل عليه إذا لم يوجد بعد طول المدة أنه قد استسلفها له إن كانت دنانير أو أكلها إن كانت طعاما، أو استهلكها إن كانت عروضا؛ لأن الأصل براءة الذمة فلا تعمر إلا بيقين، ولأن ذلك كان يكون منه لو فعله عداء فعلى من ادعاه أن يثبته، وهذا كان القياس، وإن لم تطل المدة؛ لأنه لو كان حيا فادعى أنه ردها أو تلفت لكان القول قوله في ذلك مع يمينه.