رجل حق فيلزمه، فقال الملزوم لرجل معه: اذهب ائتني بدنانير، فذهب الرجل فأتاه بدنانير، فدفعها إليه، فقبضها منه، وأوصلها إلى الذي يسأله الحق، ثم لبثوا أياما، فأتى الرجل المرسل إلى صاحب الحق الطالب يسأله شهادته بدفعه الدنانير إلى الذي عليه الحق، وزعم أنها له، وأراد أخذها من الذي عليه الحق، أترى للذي له الحق الطالب أن يشهد؟ وهل ترى شهادته جائزة؟ قال: نعم، أرى شهادته جائزة؛ لأنه قد انقطع ما بينهما، ولا يجر بها إلى نفسه شيئا، وليس للذي كان الحق عليه هاهنا حجة تطرح بها شهادته، ولا يدفعها بشيء، وليس هاهنا تهمة، فأرى شهادته جائزة، وقاله أصبغ، ولو كان إنما هو دفعها إليه عنه لم تجز، ولكنه دفعها إلى صاحبه، فكان هو الدافع عن نفسه إلى الغريم، فشهادته جائزة.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة بينة المعنى، لا إشكال فيها، فلا معنى للقول فيها، وبالله التوفيق.
[مسألة: قوله إحدى امرأتيه أو امرأته وله امرأتان طالق]
مسألة قال أصبغ: وسمعت ابن القاسم يقول فيمن شهد عليه شاهد واحد أنه حلف على شيء أنه إن فعله فامرأته طالق، وشهد آخر أنه قال: إن فعله فإحدى امرأتيه طالق، ففعله وجحد شهادتهما، قال: لا تجوز شهادتهما؛ لأنها قد اختلفت. قال أصبغ: لا يعجبني ما قال ابن القاسم، ولا أدري كيف أجاب فيها بفهم أو بغير فهم، أو علم أو غيره، وأرى قوله: إحدى امرأتيه أو امرأته، وله امرأتان سواء، لا يفترق ذلك؛ لأن الحكم فيه يرجع إلى أمر واحد، وإلى النية والتدين، فإن كانت واحدة وإلا طلقتا جميعا، فهي شهادة مجتمعة غير مفترقة، فإن أقربها وادعى النية فله ذلك، وإن أنكرها كان