فيه: إنه إن وقع كان في القراض الأول على حاله، ورد في الثاني إلى إجارة مثله، ولو تحقق نضوض المال في هذه المسألة لجاز؛ لأنه كان يكون بمنزلة من دفع إلى رجل مالا قراضا ثم دفع إليه بعد ذلك مالا آخر قراضا على أن يخلطه به.
وإنما كره هذه المسألة مخافة ألا ينض رأس المال بعد أو لعله قد نض إلا أن فيه خسارة فكذبه فيما زعم أن فيه من الربح ليقره بيده ولا ينزعه منه، ولهذه العلة لم يجز مالك في موطئه أن يقتسم المتقارضان الربح دون حضور رأس المال ونضوضه، فقال في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا فعمل به ثم جاءه بمال فقال هذا حصتك من الربح وقد أخذت لنفسي مثله ورأس مالك وافر عندي فأقره، قال: لا أحب ذلك حتى يحضر المال كله ويحاسبه ويعلم أنه وافر ويصير إليه، ثم إن شاء رده إليه على قراضه وإن شاء أمسكه، وإنما يجب حضور المال مخافة أن يكون نقص فيه فهو يحب ألا ينتزع منه وإن نقص عنده.
هذا نص قول مالك في موطئه، وظاهر ما في الواضحة أن اقتسامهما الربح على غير محاسبة ولا اعتماد مفاصلة جائز؛ لأنه قال: إذا كانا يفعلان ذلك وجاء في المال نقصان جبر من الربح الذي اقتسماه، وبالله التوفيق.
[مسألة: دفع إلى رجل مالا قراضا فشارك رجلا بمال له فعملا جميعا]
مسألة وسئل مالك: عن رجل دفع إلى رجل مالا قراضا فشارك رجلا بمال له فعملا جميعا، قال: أراه ضامنا حين أدخل في مال الرجل غيره؛ لأن الرجل قد يقارض الرجل بثلاثة أرباع ويقارض بالنصف لموضع أمانته، فقيل له: أفتراه ضامنا؟ قال: نعم، أراه ضامنا إن تلف أو نقص غرم، وإن كان ربحا كان على قسمة قراضه.
قال محمد بن رشد: هذا مفسر لما في المدونة أنه إن شارك المقارض بمال القراض فهو ضامن إذا لم ينض فيها أنه إن كان فيه ربح كان على قسمة قراضهما. وزاد في المدونة أن الرجل إذا قارض رجلين كل واحد