موضعه قريبا كالمدينة ونحوها، واختلف إن كان موضعه بعيدا كمصر ونحوها، فقيل: إنه يرجع، قاله في كتاب ابن المواز، وهو ظاهر ما في المدونة في تفسير ابن مزين أنه لا يرجع، وأما إن بعد موضعه جدا كإفريقية والأندلس، فليس عليه أن يرجع ويجزئه الهدي؛ لأن الرجوع ثانية من الأندلس وشبهها من البعد أشق من الرجوع من المدينة ونحوها ثالثة، وأما إن كان الذي ركب جل الطريق فيما قرب، فعليه أن يمشي الطريق كله ثانية، رواه ابن الماجشون عن مالك في المبسوطة، ومثله في كتاب ابن المواز.
[مسألة: حق أهل مكة وغيرهم ممن يقدم عليهم من الناس في دور مكة]
ومن كتاب أوله حلف ألا يبيع سلعة سماها مسألة وسئل مالك عن تفسير هذه الآية:{سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ}[الحج: ٢٥] ، أي سواء في الحق والسعة، والباقي في أهل البادية وغيرهم ممن يقدم عليهم، وقد كانت الفساطيط تضرب في الدور، ولقد سمعت أن عمر بن الخطاب كان ينزع أبواب بيوت مكة إذا قدم الحاج.
قال محمد بن رشد: تأويل مالك لهذه الآية على أن حق أهل مكة وغيرهم ممن يقدم عليهم من الناس في دور مكة سواء، واستدلاله على ذلك بما ذكر من فعل عمر بن الخطاب، يدل على أنها لا تباع ولا تكرى خلاف ظاهر قول ابن القاسم في كتاب كراء الدور والأرضين، وكتاب الحوائج من المدونة، لما ذكر من نفاق كراء الدور بها في أيام الموسم، وليس في الآية بيان يدفع القدر؛ لاحتمال رجوع الضمير من قوله:{سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ}[الحج: ٢٥]