صاحب الدار إنما قاطعتك على بنيان بيتين خمسة في خمسة خمسة في خمسة، وكذلك قوله: لو كان الغزل من عند الحائك كان سلما في ثوب إلى آخر قوله فيه من الأعراض ما لا يخفى لقوله فيه.
وقد قيل: إنه سلم على صفة، وقيل: ليس هو من باب السلم؛ لأن تأخير النقد فيه جائز، وقيل: إنها مسألة حائلة، إذ ليست بمسألة اختلاف، وإنما هي مسألة فيها تفصيل، وقد ذكرنا تحصيله في كتاب السلم من كتاب المقدمات مستوفى، فاختصار التكلم عليه هنا أولى، ولا فرق على ما بيناه فيما يوجبه الحكم من التحالف والتفاسخ بين أن تكون الخشب والحجارة والآلة من عند البناء أو من عند صاحب الأرض، إذ ليس البناء الذي يختلفان في صفة صنعته في النقص، فيختلف الحكم فيه بين أن يخرجه البناء وصاحب البقعة، وإنما هو بناء مضاف إليه، فإذا اختلفا في صفته وجب التحالف والتفاسخ فيه بينهما، ورجع النقص إذا تحالفا لمحرجه منهما، وبالله التوفيق.
[الخياط يدفع إليه ثوبه ليخيطه ثم أتاه بعد ذلك غيره بثوب آخر ليخيطه]
ومن كتاب النسمة قال ابن القاسم في الخياط يدفع إليه ثوبه ليخيطه، ثم أتاه بعد ذلك غيره بثوب آخر ليخيطه هل هو في سعة أن يخيط الآخر قبل الأول إذا لم يكن موعودا، ولكن كل واحد منهما يحب تعجيل ثوبه، قال: أحب إلي أن يبدأ بالأول، والأول أحقهما وأعدل، ولم أسمع في هذا بشيء، ولعله أن يكون واسعا إذا كان الشيء الخفيف الرقعة.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قال: إن الاختيار له أن يقدم الأول فالأول من غير أن يكون ذلك واجبا عليه إذ لم يجب عليه عمله في يوم بعينه، فيكون بتأخيره عنه قد ترك واجبا عليه، وكذلك قال مطرف وابن الماجشون لا بأس على الصناع أن يقدموا من أحبوا ما لم يتعدوا ظلما ولا يقصدوا مطلا، وكذلك يقولان في الرحى، وقال سحنون في كتاب ابنه: لا يقدم صاحب الرحى أحدا على من أتى قبله إذا كانت سنة البلد أن يطحنوا على الدولة، وإن تحاكموا إلى السلطان في ذلك قضى بينهم بسنة بلدهم