قال محمد بن رشد: وهذا كما قال: إنه لا يبر إلا بالمعنى الذي قصد إليه (وهذا لم يقصد إليه) إذ لم تجر العادة أن يضرب الرجل عبده ولا أمته في قدميه، وإنما ذلك من فعل المؤدبين لصبيانهم، فلو حلف المؤدب على ضرب صبي، لم يضربه في قدميه، ولو حلف الرجل ألا يضرب أمته فضربها في قدميها لحنث بذلك؛ لأن الحنث يدخل بأقل الوجوه، والبر لا يكون إلا بأكمل الوجوه.
[مسألة: يحلف بعتق جاريته ليضربنها]
مسألة قيل له: أرأيت الذي يحلف بعتق جاريته ليضربنها، فقال: إن كان حلف ليضربنها ضربا لا ينبغي له، فأرى أن يمنع من ضربها وتعتق عليه.
قال محمد بن رشد: مثل هذا في المدونة وغيرها أنه إن حلف على ما يجوز له من الضرب، لم يحل بينه وبين ضربه، وإن حلف على ما لا يجوز له منه، لم يمكن من ضربه وأعتق عليه، وقال في المدونة في الذي يحلف ليجلدن غلامه مائة سوط: أن العبد يوقف ولا يبيعه حتى ينظر أيجلده أم لا؟ ومعناه إذا كان ذلك لجرم اجترمه يستوجب به مثل ذلك الأدب، وما يحلف عليه الرجل من ضرب عبده أو أمته بحريته، ينقسم على ثلاثة أقسام: يسير كالعشرة الأسواط ونحوها، وكثير كالثلاثمائة ونحوها (وما هو أكثر منها) وما بين ذلك، فأما اليسير مثل العشرة الأسواط ونحوها، فإنه يمكن من ذلك ويصدق في أنه قد أذنب ما يستوجب به ذلك من الأدب، وقد