[مسألة: شهادة الذي يطأ الجارية يشتريها قبل أن يستبرئها]
مسألة وسئل سحنون عن الرجل يشتري الجارية فيطؤها قبل أن يستبرئها، أترى تقبل شهادته؟ فقال: لا، قال: وأرى أن يؤدب مع طرح الشهادة أدبا موجعا إذا كان عالما بمكروه ذلك، قيل له: فإن كانت صبية لم تبلغ المحيض فوطئها قبل أن يستبرئها؟ فقال: إذا كان مثلها يوطأ، فلم يستبرئها، فسبيلها سبيل التي قد حاضت من طرح الشهادة والعقوبة.
قال محمد بن رشد: أما سقوط شهادة الذي يطأ الجارية يشتريها قبل أن يستبرئها، وهي ممن يحمل مثلها، ووجوب الأدب عليه إذا كان ممن لا يجهل فبين؛ لأن ذلك أمر متفق على تحريمه بوجهين؛ أحدهما: نص النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - من المنع من ذلك بقوله:«لا توطأ حامل حتى تضع، ولا حائل حتى تحيض» ؛ والثاني: القياس على ما أوجبه الله تعالى على الحرة من عدة الطلاق والوفاة بقوله: {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ}[البقرة: ٢٣٥] فنهى عن العقد لما كان سببا إلى الوطء، فكيف بالوطء؛ لأن المعنى في ذلك في الحرة والأمة سواء، وهو ما يخشى من اختلاط الأنساب، وأما الصبية التي لم تبلغ المحيض ومثلها يوطأ، فإن كان الحمل مأمونا عليها، فلا تسقط شهادة من وطئها قبل أن يستبرئها؛ إذ قد قيل: إنه لا استبراء فيها، روى ذلك علي بن زياد، عن مالك، قال: وهو الأمر عندنا، وهو أحسن ما سمعت، ومعنى ما ذهب إليه سحنون أن التي لم تبلغ المحيض إذا كان مثلها يوطأ، فلا يؤمن أن يكون ذلك الوقت حد بلوغها، ومحيضها، فتحمل قبل أن تحيض، والله أعلم.