[مسألة: الآبق من عبيد المسلمين يلحق بأرض العدو ثم يأتي فيتعلق به صاحبه]
مسألة قال يحيى: وسألت ابن القاسم عن الآبق من عبيد المسلمين، لحق بأرض العدو، ثم إن أهل تلك البلدة أرادوا مصالحة العدو، فقدم منهم ناس بعهد لما طلبوا من الصلح، وقدم معهم العبد الآبق فتعلق به صاحبه، هل له إلى أخذه سبيل، وهو يحتج والذين قدم معهم أنهم إنما خرجوا بعهد؟ وكيف إن لم يخرج الآبق مع الرسل غير أنه أقام بأرض العدو حتى صالحوا، ولم يستثن الإمام رد إباق، ولم يستثنوا شيئا، أترى أن يؤخذ مما في أيديهم من آبق وأسير؟
فقال: أما الآبق الذي خرج مع الرسل، فلا سبيل إلى حبسه، وأرى أن يرد ليوفي لهم بعهدهم، وأما كل من صالح من العدو على هدنة أو أداء جزية، فلهم كل ما في أيديهم مما حازوه قبل ذلك من أموال المسلمين، وما أصابوا من أحرار هم أسارى، لا ينبغي للإمام أن يقضيهم شيئا من ذلك، ولا ينزعه منهم إلا أن يفادوا عن طيب أنفس منهم، وسواء ما حازوا بالسبي والغلبة، وما نزع إليهم من إباق عبيدنا، هم أحق بهم للوفاء بالعهد لهم، إذا لم يستثن ذلك عليهم حين صالحوا.
قال محمد بن أحمد: مساواته في هذه المسألة بين من صالح من الحربيين على هدنة أو أداء جزية في أنه لا ينتزع منهم ما في أيديهم من أسارى المسلمين الأحرار إلا أن يفادوا عن طيب أنفس منهم بعيد جدا لا يصح، وهي من المسائل التي وقعت على غير تحصيل؛ لأن هذا إنما يصح فيمن صالح منهم على هدنة، لا فيمن صالح منهم على أداء جزية؛ لأن من صالح منهم على هدنة فليسوا بأهل ذمة؛ لأنهم بائنون بدارهم