الجار الذي يخرج للناس في الأرزاق عطية لهم من بيت المال على غير عمل يعملونه، يجوز لهم بيعه قبل استيفائه؛ وتأويل حديث مروان بن الحكم في الصكوك التي خرجت للناس في زمانه بالمدينة، فتبايعها الناس فيما بينهم قبل أن يستوفوها، فدخل زيد بن ثابت، ورجل من أصحاب النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - على مروان فقالا: أتحل بيع الربا يا مروان؟ فقال: أعوذ بالله، وماذا قالا تلك الصكوك يتبايعها الناس ثم باعوها قبل أن يستوفوها، فبعث مروان الحرس يتبعونها وينزعونها من أيدي الناس، ويردونها إلى أهلها، أن المعنى في هذا أنها كانت قطائع أقطعها أهل المدينة من مال الله الذين كان يعمل من مصر في السفن إلى الجار، فباع الناس قطائعهم، وكان بيعها أولا حلالا، ثم إن من اشتراها باعها أيضا قبل أن يستوفيها؛ فكان بيعها الثاني حراما، فأمر مروان بفسخ البيع الثاني، ورده إلى الباعة الذين اشتروه أولا، ولم يفسخ بيع الذين أقطعوه أولا؛ وأما أرزاق القضاة وولاة السوق والمؤذنين والكتاب والأعوان والجند الذين يرزقون من الأطعمة، فلا يجوز لهم أن يبيعوها حتى يستوفوها؛ لأنها أجرة لهم على عملهم، بخلاف ما كان رفقا وصلة على غير عمل، أو على أنه مخير إن شاء عمل، وإن شاء لم يعمل، ويجوز بيع الأرزاق والعطاء السنة والسنتين، إن كانت داره مأمونة، فإن حبست انفسخ البيع، وكان للمبتاع رأس ماله؛ ولا يجوز بيع أهل العطاء؛ لأنه يبطل بموته، قال ذلك أشهب وابن وهب، وجماعة من فقهاء التابعين، وبالله التوفيق.
[ابتاع من رطاب رطبا بدرهم فاكتال الرطب وحازه]
ومن كتاب الأقضية
وسئل عمن ابتاع من رطاب رطبا بدرهم، فاكتال الرطب وحازه، ثم قال الرطاب: هات الدرهم، فقال له: قد دفعته إليك، فقال الرطاب: ما دفعت إلي شيئا؛ فقال: القول قول الرطاب ما