قال القاضي: هذا كما قال، وهو مما لا اختلاف فيه؛ لأن من حق المشهود عليه أن يعرض عليه ما شهد به عليه، ويعذر إليه فيه، ولا حق للمشهود له في أن يكون ذلك بحضرته، كما أنه لا حق للمشهود عليه في أن يشهد الشهود عليه بحضرته، والله الموفق لا شريك له، اللهم عونك.
[: تخاصم النصرانيان إلى الأسقف فأبى الحكم وردهما لحكم المسلمين]
من مسائل نوازل سئل عنها سحنون قال سحنون: إذا تخاصم النصرانيان إلى الأسقف، فأبى الأسقف أن يحكم بينهما، وردهما إلى حكم المسلمين؛ فإنه من الجور عليهما، إذا كان النصرانيان لا يريدان أن يحكم بينهما حكم المسلمين، فلا يكون ذلك للأسقف، ولا ينبغي لحاكم المسلمين أن يحكم بينهما، وإن رضي النصرانيان جميعا أن يحكم بينهما حكم المسلمين، وأبى الأسقف أن يردهما إلى حكم المسلمين لم يكن ذلك له، وكان للنصرانيين أن يحكم بينهما حكم المسلمين، ولا يحكم بينهما الأسقف.
قال محمد بن رشد: لا اختلاف في أنه لا يجوز لحكم المسلمين أن يحكم بينهما برضا الأسقف إذا أبياهما من ذلك أو أحدهما، وأما إذا رضي النصرانيان أن يحكم بينهما حكم المسلمين، وأبى الأسقف، فقول سحنون: أنه لا يلتفت إلى إباية الأسقف، ولحكم المسلمين أن يحكم بينهما إذا رضيا وإن كره أسقفهما، وروى عيسى، عن ابن القاسم في رسم العارية من كتاب السلطان أنه لا يحكم بينهما إلا برضا منهما ومن أساقفتهما، وذلك يحمل على التفسير لما في المدونة؛ لأن تفسير قوله بقوله أولى