قال محمد بن رشد: هذا مثل قوله في المدونة، أنه من ترك الجمار لعذر أو نسيان أو عمد حتى ذهبت أيام منى يهدي، ولم يختلف قوله في ذلك كما اختلف إذا ترك رمي الجمار في يوم من أيام منى، فرماها في الليل، أو فيما بقي منها، واستحب أن يهدي إذا ترك جمرة العقبة أو الجمار الثلاثة من أيام منى بدنة، وإن ترك جمرتين منها بقرة، وإن ترك واحدة شاة وإن كانت الشاة تجزيه في ذلك كله، وإنما قال: إن الرمي في غير أيام الرمي خطأ؛ لأن الله عز وجل قال:{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ}[البقرة: ٢٠٣] ، يريد رمي الجمار بإجماع أهل العلم، فلما قال تعالى: إن الرمي يكون فيها، وجب ألا يفعل في غيرها إلا بنص أو كتاب أو سنة أو إجماع، وذلك معدوم، ولا يجزي رمي الجمار بالمدر، ولا بالطين اليابس، ولا يجزي إلا بالحصاة، قاله مالك وابن أبي ذيب.
[مسألة: المتمتع بالعمرة إلى الحج يموت بعد ما يحرم بالحج بعرفة]
مسألة وسئل عن المتمتع بالعمرة إلى الحج، يموت بعد ما يحرم بالحج بعرفة، أو ما أشبه ذلك، أترى عليه هديا؟ قال: من مات من أولئك قبل أن يرمي الجمرة، فلا أرى عليه شيئا، ومن رمى الجمرة، فأرى أن قد وجب عليه الهدي، قال عيسى سألت ابن القاسم عن هديه هل يكون في رأس المال أو في ثلثه؟ قال: بل في رأس المال، وذلك أنه لم يفرط، وقال سحنون: لا يعجبني ما قال، ولا يخرج من ثلثه، ولا من رأس ماله إلا إن شاء الورثة ذلك، ألا ترى أن المال يجب عليه الزكاة، قد عرف ذلك، ثم يموت ولم يفرط في إخراجه أنه إن أوصى بها كانت من رأس المال، وإن لم يوص بها لم تكن في ثلث ولا رأس مال إلا إن شاء الورثة ذلك.