للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد بن رشد: وجه قوله أنه لما جلس بجلوس الإمام وإن لم يكن ذلك له موضع جلوس لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه» وجب أن يتشهد لتشهده. وبهذه المسألة احتج ابن الماجشون لما ذهب إليه من أنه يقوم إذا سلم الإمام بتكبير، فقال: إنه لما جلس بجلوس الإمام صار ذلك له موضع جلوس، فوجب أن يتشهد وأن يقوم إذا سلم الإمام بتكبير، وهذا لا يلزم ابن القاسم؛ لأنه لم يتشهد من أجل أن ذلك صار موضع جلوس له، وإنما تشهد لما لزمه من اتباع الإمام في الجلوس لما لم يستطع مخالفته، فإذا سلم الإمام وجب أن يرجع إلى حكم صلاته فلا يكبر؛ إذ قد كبر حين رفع رأسه من السجدة التي كان يلزمه أن يقوم بها، فلا يزيد تكبيرة ثانية بسبب جلوسه مع الإمام في غير موضع جلوس له، وهذا بين، وبالله التوفيق.

[مسألة: الرجل يأتيه الأمر يحبه فيسجد لله شكرا]

مسألة قال: وسئل عن الرجل يأتيه الأمر يحبه فيسجد لله شكرا، فقال: لا يفعل، ليس مما مضى من أمر الناس، قيل له: إن أبا بكر الصديق - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فيما يذكرون سجد يوم اليمامة شكرا الله، أفسمعت ذلك؟ قال: ما سمعت ذلك، وأنا أرى أن قد كذبوا على أبي بكر، وهذا من الضلال أن يسمع المرء الشيء فيقول: هذا شيء لم نسمع له خلافا، فقيل له: إنما نسألك لنعلم رأيك فنرد ذلك به، فقال: نأتيك بشيء آخر أيضا لم نسمعه مني، قد فتح على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعلى المسلمين بعده، أفسمعت أن أحدا منهم فعل مثل هذا، إذا جاءك مثل هذا مما قد كان في الناس وجرى على أيديهم

<<  <  ج: ص:  >  >>