قال: وسئل مالك عن طريق بخراسان وبه قوم من أهل الكفر قريبا منهم يخرجون إلى تلك الطريق فيقطعون على المضعفين من المسلمين مثل الرجل والقافلة الضعيفة، وإن كانت جماعة لهم قوة لم يقدموا عليهم، وهم ليست لهم من القوة أن يظهروا على ما حاز المسلمون، إلا أنهم يقطعون على هؤلاء، أترى هذا مرابطا؟ قال: نعم، إذا كانوا يقطعون، فإنما مثل هؤلاء مثل اللصوص، فأرى أن يحرس ذلك الموضع، وكأنه رآه مرابطا.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله؛ لأنه يجب حراسة القليل من المسلمين كما يجب حراسة الكثير، وقد قال تعالى:{كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا}[المائدة: ٣٢] الآية. فملازمة حراسة هذه الطريق رباط، والأجر في الرباط على قدر الخوف على أهل ذلك الموضع، وقد قال عبد الله بن عمر: فرض الجهاد لسفك دماء المشركين، والرباط لحقن دماء المسلمين، فكان يقول: حقن دماء المسلمين أحب إلي من سفك دماء المشركين، يريد والله أعلم: أن الرباط أحب إليه من الجهاد على غير إصابة السنة، فقد قيل: إنه إنما قال ذلك حين دخل الجهاد ما دخل؛ لأن الرباط إنما هو شعبة من شعب الجهاد، والأجر فيه على قدر الخوف في ذلك الموضع، وبالله التوفيق.
[مسألة: يكونون على السفر فيلقاهم اللصوص]
مسألة وقال مالك في القوم يكونون على السفر فيلقاهم اللصوص، قال: يناشدونهم بالله، فإن أبوا فيقاتلونهم، وسئل عنها سحنون فقال: